للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرَّج ابْنُ الْمُبَارَكِ (١) أَن عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ أَتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: ائذن لنا (٢) فِي الاختصاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَصَى وَلَا اخْتَصَى (٣)، إِن خصاءَ (٤) أُمتي الصِّيَامُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لنا فِي السِّيَاحَةِ، قَالَ: "إِن سِيَاحَةَ أُمتي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائذن لنا فِي الترهُّب (٥)، قَالَ: "إِن ترهُّب أُمتي الْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ (٦) لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ".

وَفِي الصَّحِيحِ (٧): ردَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التبتُّل على عثمان بن مظعون، ولو أَذِنَ له لَاخْتَصَيْنَا (٨).

وَهَذَا كُلُّهُ وَاضِحٌ فِي أَن جَمِيعَ هَذِهِ الأَشياء تَحْرِيمٌ لِمَا هُوَ حَلَالٌ فِي الشَّرْعِ، وإِهمال لِمَا قَصَدَ الشَّارِعُ إِعماله ـ وإِن كَانَ يَقْصِدُ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ ـ؛ لأَنه نَوْعٌ من الرهبانية، ولا رهبانية (٩) في الإِسلام (١٠).


=وسنده ضعيف لإرساله أيضاً.
(١) في "الزهد" (٨٤٥) من طريق رِشدين بن سعد، عن ابن أنعم، عن سعد بن مسعود: أن عثمان بن مظعون ... ، فذكره.
وسنده ضعيف لإرساله، فسعد بن مسعود تابعي كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص٧١)، ورشدين بن سعد ضعيف كما في "التقريب" (١٩٥٣).
(٢) في (خ): "لي".
(٣) علق رشيد رضا هنا بقوله: الذي نعرفه من الحديث: "أو اختصى".اهـ.
(٤) في (خ) و (م): "اختصاء".
(٥) في (ر) و (غ): "الترهيب".
(٦) قوله: "في المساجد" سقط من (غ) و (ر).
(٧) أخرجه البخاري (٥٠٧٣ و٥٠٧٤)، ومسلم (١٤٠٢) من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(٨) في (خ): "لاختصى".
(٩) قوله: "ولا رهبانية" ليس في (خ) و (م).
(١٠) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٩/ ١١١): "وأما حديث: "لا رهبانية في الإسلام" فلم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني: "إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة"، وعن ابن عباس رفعه: "لا صرورة في الإسلام". أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم".اهـ.
وفي (٩/ ١١٨) ذكر أن حديث: "إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة" أخرجه=