للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسألة (١) الثالثة (٢): أَن هَذِهِ الْآيَةَ يُشْكِلُ مَعْنَاهَا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} (٣) الْآيَةَ، فإِن اللَّهَ أَخبر عَنْ نَبِيٍّ مِنْ أَنبيائه ـ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ أَنه حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ حَلَالًا، فَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ (٤) مِثْلِهِ.

وَالْجَوَابُ: أَنه لَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ؛ لأَن مَا تَقَدَّمَ يُقَرِّرُ أَن لَا تَحْرِيمَ فِي الإِسلام، فَيَبْقَى مَا كَانَ شَرْعًا لِغَيْرِنَا مَنْفِيًّا، عَنْ شَرْعِنَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الأُصول.

خرَّج الْقَاضِي إِسماعيل وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: أَن إِسرائيل ـ وهو يعقوب النبي (٥) عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ أَخذه عِرْقُ النَّسَا (٦)، فَكَانَ يَبِيتُ وله (٧) زُقَاءٌ (٨)، فجعل عليه إِن شفاه الله لَيُحَرِّمَنَّ عليه الْعُرُوقَ، وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ. قَالُوا: فَلِذَلِكَ تَسُلّ (٩) اليهود العروق (١٠)؛ أن (١١) لا يأكلوها (١٢).

وَفِي رِوَايَةٍ: جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَن لَا يأْكل لحوم الإِبل. قال (١٣): فحرَّمته اليهود (١٤).


(١) قوله: "والمسألة" ليس في (م) و (ر).
(٢) في (ر) و (م): "والثالثة".
(٣) سورة آل عمران: الآية (٩٣).
(٤) إلى هنا انتهى سقط الورقة من (غ).
(٥) في (خ) و (م): "أن إسرائيل النبي يعقوب".
(٦) النَّسا: على وزن عصا: عرق من الوَرك إلى الكعب، والأفصح أن يقال له: "النَّسا" لا: "عرق النَّسا". انظر: "لسان العرب" (١٥/ ٣٢١).
(٧) في (م) و (خ): "وعليه".
(٨) زُقاءٌ: أي: صياح كما جاء مُصَرَّحاً به في بعض الطرق.
(٩) في (خ): "نسل".
(١٠) قوله: "العروق" سقط من (خ) و (م).
(١١) قوله: "أن" ليس في (خ).
(١٢) في (خ) "لا يأكلونها".
(١٣) قوله: "قال" ليس في (غ) و (ر).
(١٤) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (١/ ١٢٦)، ويزيد بن هارون في كتاب "النكاح" كما في "الفتح" (٩/ ٣٧٢) ومن ـ طريقه البيهقي (١٠/ ٨) ـ، وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (٣/ ١٠٦٧) رقم (٥٠٨)، والطبري في "تفسيره" (٧/ ١٠ ـ ١٢) من طرق عن ابن عباس، به.
وسنده صحيح كما بينته في تعليقي على "سنن سعيد بن منصور"، وقد صححه الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح".