للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيَسْجُدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا؟ فَقَالَ: لَا يفعل! ليس (١) هَذَا مِمَّا مَضَى مِنْ أَمر النَّاسِ. قِيلَ لَهُ: إِن أَبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ فِيمَا يَذْكُرُونَ ـ سَجَدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شُكْرًا لِلَّهِ (٢)، أَفسمعت ذَلِكَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ذَلِكَ، وأَنا أَرى أَن (٣) قَدْ كَذَبُوا عَلَى (٤) أَبي بَكْرٍ، وَهَذَا مِنَ الضَّلَالِ أَن يَسْمَعَ المرءُ الشيءَ فَيَقُولُ: هَذَا شيء (٥) لم أَسمع له خلافاً. فقيل له: إِنما نسأَلك لنعلم رأْيك فنرد ذلك به. فقال: نأْتيك بشيء آخر أَيضاً (٦) لم تسمعه مني: قد فُتِحَ على رسول الله (٧) صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ، أَفسمعت أَن أَحداً مِنْهُمْ فعل مثل هذا؟ إِذا جاءك مثل هذا (٨) مما قَدْ كَانَ فِي النَّاسِ وَجَرَى عَلَى أَيديهم لا يسمع (٩) عَنْهُمْ فِيهِ شَيْءٌ، فَعَلَيْكَ بِذَلِكَ، فإِنه لَوْ كان لذُكر؛ لأَنه من أَمر


(١) قوله: "ليس" سقط من (خ) و (م).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٨٤١٣)، والبيهقي في "سننه" (٢/ ٣٧١)، كلاهما من طريق مِسْعَر، عن أبي عون الثقفي محمد بن عبيد الله، عن رجل لم يُسَمِّه: أن أبا بكر لما فتح اليمامة سجد.
وهذا سند ضعيف لإبهام شيخ أبي عون، وذكر البيهقي أنه قيل: عن مِسْعر، عن أبي عون محمد بن عبيد الله، عن يحيى بن الجزار؛ أي: هو المبهم، ولكن البيهقي لم يسنده، ولعله يعني ما أسنده ابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم (٨٤١٤) من طريق وكيع، عن مسعر، عن أبي عون الثقفي، عن يحيى بن الجزار: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم مرَّ به رجل به زمانة، فسجد، وأبو بكر، وعمر.
فإن كان قصد هذا: فليس هو في فتح اليمامة، وإن كان يشهد لمسألة سجود الشكر في الجملة، ومع ذلك فهو ضعيف؛ لأن يحيى بن الجزار لم يُذكر له سماع من أبي بكر رضي الله عنه، ولا أظنه أدركه؛ كما يتضح من "الجرح والتعديل" (٩/ ١٣٣ رقم ٥٦١) و"تهذيب الكمال" (٣١/ ٢٥١ ـ ٢٥٣).
وأخرج هذا الأثر عبد الرزاق في "المصنف" (٥٩٦٣) عن سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن أبي عون؛ قال: سجد أبو بكر حين جاءه فتح اليمامة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٥/ ٢٨٨ رقم ٢٨٨٢). وهذا الوجه أشد انقطاعاً من سابقه، لكن طريق مسعر أرجح، والله أعلم.
(٣) علق رشيد رضا هنا بقوله: لعله: "أنهم".اهـ.
(٤) في (غ): "على ذلك".
(٥) قوله: "شيء" سقط من (خ).
(٦) من قوله: "لم أسمع له خلافاً" إلى هنا سقط من (خ) و (م).
(٧) في (خ) و (م): "فتح الله على رسول الله".
(٨) قوله: "جاءك مثل هذا" سقط من (خ) و (م).
(٩) في (خ) و (م): "على أيديهم سمع".