للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسِ الَّذِي قَدْ كَانَ فِيهِمْ، فَهَلْ سَمِعْتَ أَن أَحداً منهم سجد؟ فهذا إِجماع، إِذا (١) جاءَك أَمر لا تعرفه فدعه.

هذا (٢) تَمَامَ الرِّوَايَةِ. وَقَدِ احْتَوَتْ عَلَى فَرْضِ سُؤَالٍ والجواب عنه (٣) بِمَا تَقَدَّمَ.

وَتَقْرِيرُ السُّؤَالِ أَن يُقَالَ فِي الْبِدْعَةِ ـ مَثَلًا ـ: إِنها فعلٌ سَكَتَ الشارعُ عَنْ حُكمه فِي الفِعل والتَّرك، فَلَمْ يَحْكم عَلَيْهِ بِحُكْمٍ عَلَى الْخُصُوصِ، فالأَصل جَوَازُ فِعْلِهِ، كَمَا أَن الأَصل (٤) جواز تركه، إِذ هو في (٥) مَعْنَى الْجَائِزِ، فإِن كَانَ لَهُ أَصل جُمْلي فأَحْرَى أَن يَجُوزَ فِعْلُهُ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى مَنْعِهِ أَو كَرَاهَتِهِ (٦)، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ هُنَا مُخَالَفَةٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ، وَلَا ثَمَّ دَلِيلٌ خَالَفَهُ هَذَا النَّظَرُ، بَلْ حَقِيقَةُ مَا نَحْنُ فِيهِ أَنه (٧) أَمر مَسْكُوتٌ عَنْهُ عِنْدَ الشارع، والسكوت من الشَّارِعِ لَا يَقْتَضِي مُخَالَفَةً وَلَا مُوَافَقَةً، وَلَا يُعَيِّن الشَّارِعُ قَصْدًا مَا دُونَ ضِدِّهِ وَخِلَافِهِ، وإِذا ثَبَتَ هَذَا فَالْعَمَلُ بِهِ لَيْسَ بمخالفٍ؛ إِذ لَمْ يَثْبُتُ فِي الشَّرِيعَةِ نَهْيٌ عَنْهُ.

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ: مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَن السُّكُوتَ (٨) عَنْ حُكْمِ الْفِعْلِ أَو التَّرْك هُنَا إِذا وُجِدَ الْمَعْنَى المُقْتَضي لَهُ إِجماعٌ مِنْ كلِّ سَاكِتٍ عَلَى أَن لَا زَائِدَ عَلَى مَا كَانَ؛ إِذ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَائِقًا شَرْعًا أَو سَائِغًا لَفَعَلُوهُ، فَهُمْ كَانُوا أَحقَّ بإِدراكه وَالسَّبْقِ إِلى الْعَمَلِ به، وذلك إِذا نظرنا إِلى المصالح (٩)؛ فإِنه لَا يَخْلُو: إِما (١٠) أَن يَكُونَ فِي هذا (١١) الْأَحْدَاثِ مَصْلَحَةٌ أَوْ لَا. وَالثَّانِي لَا يَقُولُ بِهِ أَحد. والأَول إِما أَن تَكُونَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ الْحَادِثَةُ آكَدَ (١٢) مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي زمان التشريع (١٣) أَو لا. ولا يمكن أَن تكون (١٤)


(١) في (خ) و (م): "وإذا".
(٢) قوله: "هذا" ليس في (خ) و (م).
(٣) قوله: "عنه" ليس في (خ).
(٤) في (خ) و (م): "أصل".
(٥) قوله: "في" ليس في (خ) و (م).
(٦) في (غ) و (ر): "كراهيته".
(٧) قوله: "أنه" سقط من (غ) و (ر).
(٨) في (خ) و (م): "التشديد" بدل "السكوت".
(٩) في (خ) و (م): "المصلحة".
(١٠) قوله: "إما" ليس في (غ) و (ر).
(١١) في (خ) و (م): "هذه".
(١٢) في (خ): "أوكد".
(١٣) في (خ) و (م): "التكليف" بدل "التشريع".
(١٤) في (خ) و (م): "يكون".