للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آكد (١) مع كون المُحْدَثَةِ زيادةً؛ لأَنها زِيَادَةَ (٢) تَكْلِيفٍ، وَنَقْصُهُ (٣) عَنِ المُكلَّف أَحْرَى بالأَزمنة المتأَخِّرة؛ لِمَا يُعْلَم مِنْ قُصُورِ الهِمَم وَاسْتِيلَاءِ الْكَسَلِ، ولأَنه خلافُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم بالحَنِيفية السَّمْحَة (٤)، ورَفْعِ الحَرَجِ عَنِ الأُمَّة، وَذَلِكَ فِي تَكْلِيفِ الْعِبَادَاتِ؛ لأَن الْعَادَاتِ أَمر آخَرُ ـ كَمَا سيأْتي ـ وَقَدْ مَرَّ مِنْهُ (٥)، فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَن تَكُونُ (٦) الْمَصْلَحَةُ الظَّاهِرَةُ الْآنَ مُسَاوِيَةً لِلْمَصْلَحَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي زَمَانِ التَّشْرِيعِ، أَو أَضعف مِنْهَا. وعند ذلك يصير هذا (٧) الإِحداث عَبْثًا، أَو اسْتِدْرَاكًا عَلَى الشَّارِعِ؛ لأَن تِلْكَ الْمَصْلَحَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي زَمَانِ التَّشْرِيعِ إِن حَصَلَتْ للأَولين مِنْ غَيْرِ هَذَا الإِحداث، فالإِحداث (٨) إِذاً عَبَثٌ، إِذ لَا يَصِحُّ أَن يَحْصُلَ للأَولين دون الآخرين، مع فرض التزام العمل بما عمل به الأَوَّلون من ترك الزيادة، وإِن لم تحصل للأَولين وحصلت للآخرين (٩)، فَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تَشْرِيعًا بَعْدَ الشَّارِعِ يسبب (١٠) للآخرين (١١) ما فات للأَولين (١٢)، فَلَمْ يَكْمُلِ (١٣) الدِّينُ إِذاً دُونَهَا، وَمَعَاذَ اللَّهِ من هذا المأْخذ.


(١) قوله: "آكد" سقط من (خ) و (م)، فعلق عليه رشيد رضا بقوله: "انظر أين اسم يكون وخبره؟ الظاهر أنه سقط من الناسخ، والمعنى الذي يقتضيه السياق، ويتعين مما يأتي هو: نفي كون المصلحة الحادثة آكد؛ لأنه سيقول: إنها مساوية أو أضعف. فلعل أصل الكلام: "ولا يمكن أن تكون آكد"، وقوله: "مع كون المحدثة" إلخ؛ تعليل للنفي".اهـ.
(٢) قوله: "لأنها زيادة" سقط من (خ) و (م).
(٣) في (خ): "ونقضه"، وعلق عليها رشيد رضا بقوله: "كذا! ولعل الأصل: "نقصه" بالصاد المهملة؛ أي: نقص التكليف وتخفيفه". اهـ.
(٤) حديث "بعثت بالحنيفية السمحة" تقدم تخريجه (ص١٥٤).
(٥) كذا في جميع النسخ. وعلق الشيخ رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "كذا ولعل الأصل: (وقد مر شيء منه) أو ما هو بمعنى هذا".
(٦) في (ر) و (غ): "يكون".
(٧) في (خ): "هذه".
(٨) قوله: "فالإحداث" سقط من (خ)، و (م)، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: لعل الأصل: فهي إذاً عبث. اهـ.
(٩) من قوله: "مع فرض التزام" إلى هنا سقط من (خ) و (م).
(١٠) في (خ) و (م): "بسبب".
(١١) في (خ) و (م): "الأخرى".
(١٢) علق رشيد رضا هنا بقوله: لعل إلا بسبب للآخرين ما فات الأولين. اهـ.
(١٣) في (غ): "يكن".