للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَما ثَانِيًا: فإِنه قِيَاسٌ عَلَى نَصٍّ لَمْ يثبت بعدُ من طريقٍ صحيح؛ إِذ من الناس من طعن فيه، ومن شرط الأَصل الْمَقِيسِ عليه أن يثبت النقل فيه مِنْ طريقٍ (١) مَرْضِيٍّ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ.

وأَما ثَالِثًا: فإِن كَلَامَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فرعٌ اجتهاديٌّ جَاءَ عَنْ رجلٍ مجتهدٍ يُمْكِنُ أَن يخطىء فِيهِ؛ كَمَا يُمْكِنُ أَن يُصِيبَ، وإِنما حَقِيقَةُ الأَصل أَن يأْتي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَو عَنْ أَهل الإِجماع، وَهَذَا لَيْسَ عَنْ (٢) وَاحِدٍ (٣) مِنْهُمَا.

وأَما رَابِعًا: فإِنه قِيَاسُ بِغَيْرِ مَعْنًى جَامِعٍ، أَو بِمَعْنَى جَامِعٍ طَرْدِيٍّ (٤)، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ سيأْتي ـ إِن شاءَ اللَّهُ ـ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ وَالْبِدَعِ.

وَقَوْلُهُ: "إِن السَّلَفَ عَمِلُوا بِمَا لَمْ يَعْمَلْ به من قبلهم": حاشا لِلَّهِ أَن يَكُونُوا مِمَّنْ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.

وَقَوْلُهُ: "مِمَّا هُوَ خَيْرٌ": أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلى السلف فما عملوا به (٥) خير، وأَما فرعه المقيس فَكَوْنُهُ خَيْرًا دَعْوَى؛ لأَن كَوْنَ الشَّيْءِ خَيْرًا أَوْ شَرّاً لَا يَثْبُتُ إِلا بِالشَّرْعِ، وأَما العقل فبمعزل عن ذلك، فليُثْبِتْ (٦) أَوّلاً أَن (٧) الدعاءَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ خَيْرٌ شَرْعًا.

وأَما قِيَاسُهُ عَلَى قَوْلِهِ: "تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ": فَمِمَّا تقدم (٨). وفيه


(١) من قوله: "صحيح إذ من الناس" إلى هنا سقط من (خ) و (م).
(٢) قوله: "عن" ليس في (غ) و (ر).
(٣) في (ر): "واحداً".
(٤) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "لعل الأصل: غير طردي".
(٥) قوله: "به" ليس في (خ) و (م).
(٦) من قوله: "وأما العقل فبمعزل" إلى هنا سقط من (خ).
(٧) في (خ): "أو لأن".
(٨) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله:
كذا والظاهر أنه سقط منه شيء، ولعل أصله: "فمما تقدم يعلم بطلانه".اهـ. والذي يظهر لي أنه لم يسقط منه شيء، وإنما عنى المؤلف: أن هذا القول مردود بالأمور الأربعة التي ذكرها قبل عدة أسطر.