للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنِ شِهَابٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الأَنصار: أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا توضأَ أَو تَنَخَّمَ ابْتَدَرَ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وضوءَه وَنُخَامَتَهُ فَشَرِبُوهُ وَمَسَحُوا بِهِ جُلُودَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ سأَلهم: "لِمَ تَفْعَلُونَ هَذَا؟ " قَالُوا: نَلْتَمِسُ الطُّهُورَ وَالْبَرَكَةَ بذلك، فقال لِهَمِّ (١) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من كان منكم يحب أَن يحبه اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلْيَصْدُقِ الْحَدِيثَ، وَلْيُؤَدِّ الأَمانة، وَلَا يُؤْذِ جَارَهُ".

فإِن صَحَّ هَذَا النَّقْلُ فَهُوَ مُشْعِرٌ بأَن الأَولى تركُه (٢)، وأَن يتحرَّى مَا


=فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (٢٦٦)، وأبو نعيم في "المعرفة" (٢/ ٥٠/ب)، والبيهقي في "الشعب" (١٥٣٣)، ثلاثتهم من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي جعفر الأنصاري، عن الحارث بن الفضل ـ أو ابن الفضيل ـ، عن عبد الرحمن بن أبي قراد، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توضأ يوماً ... ، فذكره بنحوه.
والحسن بن أبي جعفر الجُفْري ضعيف الحديث مع عبادته وفضله كما في "التقريب" (١٢٣٢).
وخالفه يحيى بن أبي عطاء، فرواه عن أبي جعفر ـ واسمه عمير بن يزيد الخطمي ـ، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي قراد ... ، فذكره.
أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٣٩٧)، والطبراني في "الأوسط" (٦٥١٧)، وأبو نعيم في الموضع السابق، جميعهم من طريق عبيد بن واقد القيسي، عن يحيى بن أبي عطاء.
فالمخالفة هنا وقعت في أمرين:
١ ـ في تسمية الصحابي أبا قراد بدل عبد الرحمن بن أبي قراد.
٢ ـ وفي تسمية الراوي عنه عبد الرحمن بن الحارث بدل الحارث بن فضيل.
وهذه الطريق أضعف من سابقتها؛ فيحيى بن أبي عطاء مجهول كما في "الميزان" (٩٥٨٨).
والراوي عنه عبيد بن واقد القيسي ضعيف كما في "التقريب" (٤٤٣١).
وقد حسن الشيخ الألباني الحديث بمجموع هذه الطرق في الموضع السابق من "الصحيحة"، وعندي فيه توقف، والله أعلم.
(١) قوله: "لهم" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٢) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "قد يقال: إن هذا يدل على الإنكار وكراهة النبي صلّى الله عليه وسلّم لهذا الفعل، ويؤيده: ما ثبت من مجموع سيرته؛ من كراهة الغلوّ فيه، وإطرائه، وحبه التواضع، ومساواة الناس بنفسه في المعاملات كلها، إلا ما=