للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّلَوَاتِ عَلَى هَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ (١)، لَكِنْ فِي الفَرْطِ، وَفِي بَعْضِ الأَحَايِين كَسَائِرِ الْمُسْتَحَبَّاتِ الَّتِي لَا يُتربَّص بها وقت (٢) بِعَيْنِهِ، وكيفيَّة بِعَيْنِهَا.

وَخَرَّجَ الطَّبَرِيُّ (٣) عَنْ أَبي سعيد مولى [أبي] (٤) أَسيد؛ قَالَ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذا صَلَّى العشاءَ أَخرج النَّاسَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَتَخَلَّفَ لَيْلَةً مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ، فأَتى عَلَيْهِمْ (٥) فَعَرَفَهُمْ، فأَلقى دِرَّتَه وَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا فُلَانُ! ادْعُ اللَّهَ لَنَا، يَا فُلَانُ! ادْعُ اللَّهَ لَنَا، حَتَّى صَارَ الدعاءُ إِلى عمر (٦)، فَكَانُوا يَقُولُونَ: عُمَرُ فَظٌّ غَلِيظٌ، فَلَمْ أَر أَحداً مِنَ النَّاسِ تِلْكَ السَّاعَةَ أَرقَّ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ لَا ثَكْلَى وَلَا أَحداً (٧).


(١) كما جاء في الحديث الذي رواه الفضل بن العلاء؛ قال: حدثنا إسماعيل بن أمية، عن محمد بن قيس، عن أبيه؛ أنه أخبره: أن رجلاً جاء زيد بن ثابت فسأله عن شيء؟ فقال له زيد: عليك بأبي هريرة؛ فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله ونذكر ربنا خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم حتى جلس إلينا، فسكتنا، فقال: "عودوا للذي كنتم فيه". قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يؤمِّن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علماً لا يُنسى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "آمين"، فقلنا: يا رسول الله! ونحن نسأل الله علماً لا يُنسى، فقال: "سبقكما بها الغلام الدوسي". أخرجه النسائي في "الكبرى" (٥٨٧٠)، والطبراني في "الأوسط" (١٢٢٨)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٥٠٨)، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل إلا الفضل، ولا يروى عن زيد بن ثابت إلا بهذا الإسناد".
(٢) في (خ): "وقتا".
(٣) قوله: "الطبري" سقط من (خ)، وفي (غ): "الطبراني"، والمثبت من (ر) و (م) و (ت)، وهو الصواب، ويدل عليه قول المصنف (ص٣٣٣): "وهذه الآثار من تخريج الطبري في تهذيب الآثار".
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من مصادر التخريج وترجمته الآتية.
(٥) في (ر) و (غ): "إليهم".
(٦) في (خ) و (ت) و (م): "غير".
(٧) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٣/ ٢٩٤) من طريق يزيد بن هارون، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٣٠) من طريق شعبة، كلاهما عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد ـ وعند الطحاوي: مولى الأنصار ـ؛ قال: كان عمر بن الخطاب يعسّ المسجد بعد العشاء ... ، فذكره بلفظ أطول من هذا.
وسنده رجاله ثقات، عدا أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي الأنصاري، فقد ذكره ابن سعد في "الطبقات" (٥/ ٨٨) و (٧/ ١٢٨)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً،=