للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصلاً، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ إِلى الصَّلَاةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَلَمْ يَقْصِدْ فِعْلَهُ لأَجل الصَّلَاةِ، وَلَا كَانَ مَظِنَّةً لأَن (١) يُفْهَمَ مِنْهُ انْضِمَامُهُ إِليها، فَلَا يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ، وإِنما يَرْجِعُ الذَّمُّ فِيهِ إِلى الْعَمَلِ بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ.

وَمِثْلُهُ: لَوْ أَراد الْقِيَامَ إِلى الْعِبَادَةِ، فَفَعَلَ عِبَادَةً مَشْرُوعَةً مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الِانْضِمَامِ، وَلَا جَعْلِهِ (٢) عُرْضَةً لِقَصْدِ انْضِمَامِهِ، فَتِلْكَ الْعِبَادَتَانِ عَلَى أَصالتهما (٣). وَكَقَوْلِ الرَّجُلِ عِنْدَ الذَّبْحِ أَو الْعِتْقِ: اللَّهُمَّ مِنْكَ وإِليك، عَلَى غَيْرِ الْتِزَامٍ (٤) وَلَا قَصْدِ الِانْضِمَامِ، وَكَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ لَا بِقَصْدِ الطَّوَافِ وَلَا عَلَى الِالْتِزَامِ، فَكُلُّ عِبَادَةٍ هُنَا مُنْفَرِدَةٌ عَنْ صَاحِبَتِهَا؛ فَلَا حَرَجَ فِيهَا (٥).

وَعَلَى ذَلِكَ نَقُولُ: لَوْ فَرَضْنَا (٦) أَن الدعاءَ بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ وقع من أَئمة الصلوات في (٧) المساجد في بعض الأَوقات للأَمر يحدث؛ من قَحْطٍ، أَو خوفٍ، ونحوه (٨) مِنْ مُلِمٍّ؛ لَكَانَ جَائِزًا (٩)؛ لأَنه (١٠) عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، إِذ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ عَلَى وجهٍ يُخاف مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ الِانْضِمَامِ، وَلَا كَوْنُهُ سُنَّةً تُقَامُ فِي الْجَمَاعَاتِ وَيُعْلَنُ بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ، كَمَا (١١) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاءَ الاستسقاءِ بِهَيْئَةِ (١٢) الِاجْتِمَاعِ وَهُوَ يَخْطُبُ (١٣)، وَكَمَا أَنَّهُ دَعَا أَيضاً (١٤) فِي غَيْرِ أَعقاب


(١) في (ر) و (غ): "أن".
(٢) في (خ) و (م): "ولأجله".
(٣) في (ر) و (غ): "فكلتا العبادتين على أصالتها".
(٤) في (ر) و (غ): "على غير الالتزام".
(٥) في (ر) و (غ): "فيهما".
(٦) قوله: "لو فرضنا" مكرر في (م).
(٧) قوله: "الصلوات في" من (غ) و (ر) فقط.
(٨) قوله: "ونحوه" من (غ) و (ر) فقط.
(٩) في (م): "جائز".
(١٠) في (ر) و (غ): "إلا أنه".
(١١) في (غ) و (ر): "وكما".
(١٢) في (غ): "على هيئة".
(١٣) رواه البخاري (١٠٢٩) تعليقاً، وفيه: "فرفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون" الحديث. ووصله الإسماعيلي وأبو نعيم والبيهقي كما قال الحافظ في "الفتح"، ثم رواه في "تغليق التعليق" (٢/ ٣٩٢) من طريق المحاملي، عن محمد بن إسماعيل الترمذي، عن أيوب بن سليمان بن بلال، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس رضي الله عنه به.
(١٤) في (ت): "وكما أنه أيضاً دعا".