للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَشْرُوعٍ. ويبيِّن (١) ذَلِكَ مِنَ الأَدلة: عُمُومُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: "كُلُّ عملٍ ليسَ عَلَيْهِ أَمرُنا فَهُوَ رَدٌّ" (٢). وَهَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ اتِّصَافِهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ عملٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمره عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ فَهُوَ إِذاً ردٌّ؛ كَصَلَاةِ (٣) الْفَرْضِ مَثَلًا إِذا صَلَّاهَا الْقَادِرُ الصَّحِيحُ قَاعِدًا، أَو سبَّح فِي مَوْضِعِ القراءَة، أَو قرأَ (٤) فِي مَوْضِعِ التَّسْبِيحِ، وَمَا أَشبه ذَلِكَ.

وَقَدْ نَهَى ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ـ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ (٥)، وَنَهَى عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا (٦)، فَبَالَغَ كَثِيرٌ مِنَ العلماءِ فِي تَعْمِيمِ النَّهْيِ، حَتَّى عَدُّوا صَلَاةَ الْفَرْضِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَاخِلًا تَحْتَ النَّهْيِ، فَبَاشَرَ النهيُ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ اتِّصَافِهَا بأَنها وَاقِعَةٌ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ، كَمَا اعْتَبَرَ فِيهَا الزَّمَانَ بِاتِّفَاقٍ فِي الْفَرْضِ، فَلَا تُصَلَّى الظُّهْرُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَا الْمَغْرِبُ قَبْلَ الْغُرُوبِ.

وَنَهَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ صِيَامِ الْفِطْرِ والأَضحى (٧)، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى بُطْلَانِ الْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشهر الْحَجِّ. فكلُّ مَنْ تعبَّد لِلَّهِ تَعَالَى بشيءٍ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي غَيْرِ أَزمانها فقد تعبَّد بِبِدْعَةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا إِضافية، فَلَا جِهَةَ لَهَا إِلى (٨) الْمَشْرُوعِ، بَلْ غَلَبَتْ عَلَيْهَا جِهَةُ الِابْتِدَاعِ، فَلَا ثَوَابَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ.

فَلَوْ فَرَضْنَا قَائِلًا يَقُولُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ في وقت الكراهية، أَو


(١) في (خ): "وتبين"، وفي (م): "ويتبين" وفي (ت) "وتبيين".
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٩٧) بلفظ: "من أحدث في أمرنا ... "، ومسلم (١٧١٨) (١٨) بلفظ: "من عمل عملاً ... ".
(٣) في (ر) و (غ): "فهو إذاً مردود كالصلاة".
(٤) في (غ) و (ر) و (م): "وقرأ".
(٥) أخرجه البخاري (٥٨١)، ومسلم (٨٢٦) من حديث عمر رضي الله عنه.
(٦) أخرجه البخاري (٥٨٢)، ومسلم (٨٢٨) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(٧) تقدم تخريجه (ص٣٠٩).
(٨) في (غ): "على".