للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا ينبغي (١) أن يُحْمل (٢) مَا خَرَّجَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهان، عَنْ أَيوب، عَنْ أَبي قِلَابَةَ، عَنْ أَبي الدرداءِ رضي الله عنه: أَنا ناساً من أَهل الكوفة قالوا (٣): إن إخوانك (٤) من أهل الكوفة (٥) يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ، ويأْمرونك أَن تدعُوَ لَهُمْ وَتُوصِيَهُمْ. فقال: اقرؤوا (٦) عليهم السلام، ومروهم أَن يعطوا القرآن [بخزائمهم] (٧)، فإِنه يَحْمِلُهُمْ ـ أَو يأْخذ بِهِمْ ـ عَلَى الْقَصْدِ وَالسُّهُولَةِ، ويجنِّبهم الجَوْرَ والحُزُونة (٨)، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنه دَعَا لَهُمْ.

وأَما الْقِسْمُ الثَّانِي ـ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ الْعَمَلُ الْعَادِيُّ أَو غَيْرُهُ كَالْوَصْفِ لِلْعَمَلِ المشروع، إِلا أَن الدليل دلَّ (٩) عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْمَشْرُوعَ لَمْ يَتَّصِفْ فِي الشَّرْعِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ ـ: فَظَاهِرُ (١٠) الأَمر انْقِلَابُ الْعَمَلِ المشروع غير


(١) في (ت) و (خ): "ينبني".
(٢) قوله: "أن يحمل" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٣) في (م): "قال"، وفي (ت): "قالوا له"، إلا أن قوله: "له" ملحق في الهامش.
(٤) في (غ) و (ر): "لإخوانك".
(٥) من قوله: "قالوا إن إخوانك" إلى هنا سقط من (خ).
(٦) في (م): "اقرأ".
(٧) في (غ) و (ر): "بحزائمهم" بالحاء، وفي (م): "بحرائهم"، أو: "بحرابهم"، وفي (خ) و (ت): "حقه"، والتصويب من مصادر التخريج، وهو قريب مما في (غ) و (ر). وأما معناه: فقال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ٢٩): "الخزام: جمع خِزَامة، وهي حَلَقة من شعر تجعل في أحد جانبي مَنْخِرَي البعير، ومنه: حديث أبي الدرداء: "اقرأ عليهم السلام، ومُرْهم أن يُعْطوا القرآن بخزائمهم"؛ هي: جمع خِزَامة؛ يريد به الانقياد لحكم القرآن، وإلقاء الأزِمَّة إليه. ودخول الباء في "خزائمهم" ـ مع كون أعطى يتعدّى إلى مفعولين ـ؛ كدخولها في قوله: أعطى بيده: إذا انقاد ووكل أمره إلى من أطاعه ... " إلخ.
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ١٤١ رقم ٣٠١٦٢)، وعبد الرزاق (٣/ ٣٦٨ رقم ٥٩٩٦)، والدارمي (٢/ ٥٢٦) من طريق أيوب به.
وأبو قلابة لم يسمع من أبي الدرداء كما قال أبو حاتم. انظر (ص٢١١) من "جامع التحصيل".
(٩) قوله: "دل": سقط من (خ).
(١٠) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: جواب "أمّا"؛ أي: فظاهر الأمر فيه ... إلخ، وما قبله اعتراض. اهـ.