للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدليل الخلاف الواقع في أَصل (١) بُيُوعِ الْآجَالِ، وَمَا كَانَ نَحْوَهَا، غَيْرَ أَن أَبا بَكْرٍ الطَّرْطُوشي يَحْكِي الِاتِّفَاقَ فِي هَذَا النَّوْعِ اسْتِقْرَاءً مِنْ مَسَائِلَ وَقَعَتْ لِلْعُلَمَاءِ مَنَعُوهَا سَدًا لِلذَّرِيعَةِ، وإِذا ثَبَتَ الْخِلَافُ فِي بَعْضِ التَّفَاصِيلِ لَمْ يُنْكَر أَن يَقُولَ بِهِ قَائِلٌ فِي بَعْضِ مَا نَحْنُ (٢) فِيهِ، ولنُمَثِّله أَوَّلاً، ثُمَّ نَتَكَلَّمْ عَلَى حُكْمِهِ بِحَوْلِ اللَّهِ.

فَمِنْ ذلك: ما جاءَ في الحديث مِنْ نَهي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يُتَقَدَّم شهرُ رَمَضَانَ بِصِيَامِ يَوْمٍ أَو يومين (٣). ووجه ذَلِكَ عِنْدَ العلماءِ: مَخَافةَ أَن يُعَدَّ ذَلِكَ مِنْ جُملة رَمَضَانَ.

وَمِنْهُ: مَا ثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (٤) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كان لا يقصر في السفر (٥)، فيقال له: أَلست (٦) قَصَرْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى! وَلَكِنِّي إِمام النَّاسِ، فيَنْظر إِليَّ الأَعرابُ وأَهل الْبَادِيَةِ أُصلي رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُولُونَ: هكذا فُرِضَت (٧).


(١) قوله: "أصل" سقط من (ت) و (خ) و (م).
(٢) في (م): "ما نحو".
(٣) أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(٤) قوله: "ابن عفان" من (غ) و (ر) فقط.
(٥) علّق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "أخطأ من قال: إن عثمان لم يكن يقصر في السفر مطلقاً، وإنما نُقل عنه أنه صلى تماماً في منى في آخر خلافته، وأنكر عليه ابن مسعود، وكان هذا من أسباب التّأَلُّب عليه، أو: من حجج الذين تألّبوا عليه. وما علل به هنا أحد الأجوبة عنه، ولكنه معزوّ إليه، ولو صحّ عنه لما اعتذر العلماء عنه بعدّة أعذار، أقواها: أنه كان قد تزوّج ونوى الإقامة، أو أن الزواج بعد إقامة".
(٦) في (غ) و (ر): "أليس".
(٧) أما إتمام عثمان رضي الله عنه للصلاة بمنى: فثابت في "الصحيحين" من عدّة طرق، منها: ما أخرجه البخاري (١٠٨٤)، ومسلم (٦٩٥) من طريق عبد الرحمن بن يزيد؛ قال: صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فاسترجع! ثم قال: صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبّلتان. وأما جعل سبب إتمام عثمان رضي الله عنه، مراعاة حال الأعراب: فأخرجه أبو داود=