للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْقَصْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ أَو وَاجِبٌ، وَمَعَ ذلك تَرَكَه (١) خوفاً أَن يُتَذرَّعَ بِهِ لأَمرٍ (٢) حادثٍ فِي الدِّينِ غير مشروع.

ومنه قصة عمر بن الخطاب (٣) رضي الله عنه في غَسْله الاحتلام (٤) من ثوبه (٥) حَتَّى أَسفر (٦)، وَقَوْلُهُ لِمَنْ رَاجَعَهُ فِي ذَلِكَ، وأَن يَأْخُذَ مِنْ أَثْوَابِهِمْ مَا يُصَلِّي بِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ عَلَى السِّعَةِ: لَوْ فعلتُه لَكَانَتْ سُنَّة، بَلْ أَغْسِلُ مَا رأَيت، وأَنْضَحُ مالم أَرَ (٧).


= (١٩٦٤)، والطحاوي في "شرح المعاني" (١/ ٤٢٥) من طريق أيوب، عن الزهري: أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب، لأنهم كثروا عَامَئذٍ، فصلى بالناس أربعاً ليعلمهم أن الصلاة أربع.
وأخرجه البيهقي (٣/ ١٤٤) من طريق عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن عثمان: أنه أتم الصلاة بمنى، ثم خطب الناس فقال: يا أيها الناس! إن السنة سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسنة صاحبيه؛ ولكنه حدث العام من الناس [طَغَامٌ] فخفت أَن يَسْتَنّوا.
وأخرجه عبد الرزاق (٤٢٧٧) عن ابن جريج؛ قال: بلغني أنه أوفى أربعاً بمنى قطُّ من أجل أن أعرابياً ناداه في مسجد الخيف بمنى: يا أمير المؤمنين! مازلت أصليها ركعتين منذ رأيتك عام أول صليتها ركعتين، فخشي عثمان أن يظن جهال الناس إنما الصلاة ركعتين؛ وإنما كان أوفاها بمنى قطُّ.
قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥٧١): "وهذه طرقٌ يقوِّي بعضها بعضاً، ولا مانع أن يكون هذا أصل سبب الإتمام".
(١) في (غ) و (ر): "فتركه".
(٢) في (ت): "إلى أمر".
(٣) قوله: "ابن الخطاب" من (غ) و (ر) فقط.
(٤) في (خ): "في غسله من الاحتلام"، وفي (ت): "في عدم غسله ثوبه من الاحتلام حتى أسفر".
(٥) قوله: "من ثوبه" سقط من (خ).
(٦) علق رشيد رضا أيضاً على هذا الموضع بقوله: "هذا نص نسخة الكتاب. والمراد: أنه تأخر عن الصلاة إلى وقت الإسفار؛ اشتغالاً بغسل ثوبه من أثر الاحتلام؛ إذ لم يكن له سواه".
(٧) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٥٠)، ومن طريقه الطحاوي في "شرح المعاني" (١/ ٥٢)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب ... ، فذكره.
قال ابن معين: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بعضهم يقول: سمعت عمر، وهذا باطل؛ إنما هو: عن أبيه؛ سمع عمر. انظر: "تهذيب الكمال" (٣١/ ٤٣٦).=