للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِمَّا (١) فِعْلُهُ كَبِيرَةٌ، حَتَّى نَزَعَتْ (٢) آخِرًا بِالْآيَةِ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} (٣)، وهي نازلة في عَيْن (٤) الْعَمَلِ بِالرِّبَا، فعدَّت الْعَمَلَ بِمَا يُتَذَرَّعُ بِهِ إِلى الرِّبَا (٥) بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ بِالرِّبَا، مَعَ أَنا نَقْطَعُ أَن زَيْدَ بْنَ أَرقم وأُمَّ وَلَدِهِ لم يقصدا قَصْدَ الرِّبَا، كَمَا لَا يُمْكِنُ ذَا عَقْلٍ أَن يَقْصِدَ وَالِدَيْهِ بالسَّبّ.

وإِذا ثَبَتَ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ الذَّرَائِعِ؛ ثَبَتَ فِي الْجَمِيعِ، إِذ لا فرق يُدَّعى (٦) فيما (٧) لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ، إِلا أُلزِمَ (٨) الخصمُ مِثْلَهُ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. فَلَا عِبَادَةَ أَو مُبَاحًا يُتَصَوَّر فِيهِ أَن يَكُونَ ذَرِيعَةً إِلى غَيْرِ جَائِزٍ، إِلا وَهُوَ غَيْرُ عِبَادَةٍ وَلَا مُبَاحٍ.

لكن هذا القسم إِنما يكون النهي عنه (٩) بِحَسَبِ مَا يَصِيرُ وَسِيلَةً إِليه فِي مَرَاتِبِ النَّهي، إِن كَانَتِ الْبِدْعَةُ مِنْ قَبِيلِ الْكَبَائِرِ، فَالْوَسِيلَةُ كَذَلِكَ، أَو مِنْ (١٠) قَبِيلِ الصَّغَائِرِ، فَهِيَ كَذَلِكَ، أَو من قبيل المكروهات فَهِيَ كَذَلِكَ (١١)، وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ المسأَلة يتَّسع، وَلَكِنَّ هَذِهِ الإِشارة كَافِيَةٌ فِيهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.


(١) في (خ) و (م) و (ت): "لا ممن".
(٢) في (خ): "ترغب".
ومعنى "نزعت": استشهدت.
(٣) سورة البقرة: الآية (٢٧٥).
(٤) في (خ) و (ت) و (م): "غير".
(٥) قوله: "إلى الربا" سقط من (ت).
(٦) في (خ) و (م): "فيما لم يدعى".
(٧) في (ت): "إذ لا فرق فيما يدعى وفيما".
(٨) في (ت): "إلا إلزام".
(٩) قوله: "عنه" سقط من (خ) و (م)، وفي (ت): "فيه" بدل "عنه".
(١٠) في (خ) و (م): "كذلك ومن".
(١١) قوله: "أو من قبيل المكروهات فهي كذلك" سقط من (خ) و (م) و (ت).