للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها ما هو معصية ويُتَّفَقُ على أَنها (١) ليست بِكُفْرٍ؛ كَبِدْعَةِ التَّبَتُّل (٢)، وَالصِّيَامِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ (٣)، والخِصَاءِ (٤) بِقَصْدِ قَطْعِ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ (٥).

وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي إِتباع رَمَضَانَ بسِتٍّ مِنْ شَوَّالَ (٦)، وقراءَة الْقُرْآنِ بالإِدارة (٧)، وَالِاجْتِمَاعِ للدعاءِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ (٨)، وَذِكْرُ السَّلَاطِينِ فِي خُطْبَةِ الْجُمْعَةَ ـ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيُّ (٩) ـ، وَمَا أَشبه ذَلِكَ (١٠).

فَمَعْلُومٌ أَن هذه البدع ليست في رتبة واحدة، ولا على نسبة واحدة (١١)، فلا يصح على (١٢) هَذَا أَن يُقَالَ: إِنها عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، هُوَ (١٣) الْكَرَاهَةُ فَقَطْ، أَو التَّحْرِيمُ (١٤) فَقَطْ.

وَوَجْهٌ (١٥) ثَالِثٌ: أَن الْمَعَاصِيَ مِنْهَا صَغَائِرُ، وَمِنْهَا كَبَائِرُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِكَوْنِهَا وَاقِعَةً فِي الضَّرُورِيَّاتِ، أَوِ الْحَاجِيَّاتِ، أَو التَّكْمِيلِيَّاتِ (١٦)، فإِن كَانَتْ فِي الضَّرُورِيَّاتِ فهي أَعظم الكبائر، وإِن وقعت في التحسينّيات فَهِيَ أَدنى رُتْبَةٍ بِلَا إِشكال، وإِن وَقَعَتْ في الحاجيّات فمتوسطة بين الرتبتين.


(١) في (خ) و (م): "عليها" بدل: "على أنها"، وفي (ت): "عليها أنها". وعلق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: لعل الأصل، "على أنها ليست بكفر".اهـ.
(٢) تقدم (ص٢٠٦ ـ ٢٠٩) تخريج حديث ردّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التبتُّل عَلَى عُثْمَانَ بن مظعون.
(٣) تقدم (ص٢٨) تخريج حديث ابن عباس في قصة نذر أبي إسرائيل أن يصوم ولا يستظلّ.
(٤) تقدم (ص٢٨) حديث ابن مسعود في النهي عن الخصاء خشية العنت.
(٥) في (ر) و (غ): "النكاح".
(٦) انظر: (ص٣٤٧).
(٧) راجع صفحة (٣٣٧).
(٨) انظر: ما تقدم (ص٢٧٥ و٢٧٨ و٣١٦).
(٩) قال العز بن عبد السلام في "فتاويه" (ص٣٩٣ ـ ٣٩٥، تحقيق محمد جمعة): "ذكر الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم والسلاطين بدعة غير محبوبة، ولا يذكر في الخطبة إلا ما يوافق مقاصدها .. " إلخ ما قال.
(١٠) قوله: "ذلك" سقط من (ر).
(١١) قوله: "ولا على نسبة واحدة" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(١٢) في (ت) و (م) و (خ): "مع" بدل "على".
(١٣) في (غ): "وهو".
(١٤) في (خ) و (م): "والتحريم".
(١٥) في (م) و (خ): "وجه"، ولذا علق عليها رشيد رضا بقوله: لعل الأصل: "ووجه ثالث".اهـ.
(١٦) قوله: "أو التكميليات" سقط من (ت).