للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرأَة، كلهم يصيبها، فإِذا حملت ووضعته، ومرَّت ليالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا؛ أَرسلت إِليهم، فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْهُمْ رَجُلٌ (١) أَن يَمْتَنِعَ؛ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ: قَدْ عَرَفْتُمُ (٢) الَّذِي كَانَ مَنْ أَمركم، وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يا فلان! تُسمِّي (٣) مَنْ أحبَّت بِاسْمِهِ، فيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ الرَّجُلُ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يجتمع الناس الكثير (٤) فَيَدْخُلُونَ عَلَى المرأَة لَا تَمْنَعُ مَنْ جاءَها، وهُنَّ الْبَغَايَا، كُنْ يَنْصِبن عَلَى أَبوابهن راياتٍ تَكُونُ عَلَماً، فَمَنْ أَرادهن دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فإِذا حَمَلَتْ إِحداهن وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا؛ جَمَعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهَا (٥) الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلحقوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فالْتَاطَ (٦) بِهِ ودُعيَ ابْنَهُ، لَا يَمْتَنِعُ (٧) مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ؛ هَدَمَ نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ، إِلا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ (٨) مَذْكُورٌ (٩).

وَكَانَ لَهُمْ أَيضاً سننٌ أُخرُ فِي النكاح (١٠) خارجةٌ (١١) عن مقتضى (١٢) الْمَشْرُوعِ؛ كَوِرَاثَةِ النساءِ كُرْهاً (١٣)، وَكَنِكَاحِ مَا نَكَحَ الأَب (١٤)، وأَشباه ذلك، كلُّها (١٥) جَاهِلِيَّةٌ جَارِيَةٌ (١٦) مَجْرَى الْمَشْرُوعَاتِ عِنْدَهُمْ، فَمَحَا الإِسلامُ ذلك كلَّه والحمد لله.


(١) في (غ): "رجل منهم".
(٢) في (ر) و (غ) و (م): "عرفت".
(٣) في (خ): "فتسمي".
(٤) في (ت) و (خ): "الكثيرون".
(٥) في (ر) و (غ): "لهم".
(٦) أي: التزق به. "لسان العرب" (٧/ ٣٩٥).
(٧) في (ر): "ألا يمتنع"، وكذا كان في (غ)، ثم ضرب على الألف.
(٨) "صحيح البخاري" (٥١٢٧).
(٩) في (ر) و (غ): "مذكور في البخاري".
(١٠) في (ت): "سنن في النكاح أخر".
(١١) في (خ) و (ت) و (م): "خارج".
(١٢) قوله: "مقتضى" من (ر) و (غ) فقط.
(١٣) قال ابن عباس: "كانوا إذا مات الرجل؛ كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت الآية" يعني قوله تعالى في سورة النساء [الآية: ١٩]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}. أخرجه البخاري (٤٥٧٩).
(١٤) في (ر) و (غ): "الآباء" ودل على وجود هذا النكاح عندهم: قوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٢].
(١٥) قوله: "كلها" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(١٦) في (م): "خارجية".