للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ أَتى بَعْضُ مَنْ نُسِبَ إِلى الْفِرَقِ ممَّن حرَّف التأْويل فِي كِتَابِ اللَّهِ، فأَجاز نِكَاحَ أَكثر مِنْ أَربع نِسْوَةٍ (١)، إِما اقْتِدَاءً ـ فِي زَعْمِهِ ـ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أُحِلّ لَهُ أَكثرُ مِنْ ذَلِكَ أَن يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلى إِجماع الْمُسْلِمِينَ: أَن ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (٢)، وإِما تَحْرِيفًا (٣) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} (٤)؛ فأَجاز الجمع بين تسع نسوة في ملك (٥)، ولم يفهم المراد من الواو (٦)، ولا من قوله: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}، فأَتى بِبِدْعَةٍ أَجراها فِي هَذِهِ الأُمة لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا مُسْتَنَدَ فِيهَا.

وَيُحْكَى عَنِ الشِّيعَةِ (٧) أَنها تَزْعُمُ أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسقط عَنْ أَهل بَيْتِهِ وَمَنْ دَانَ بحبِّهم جَمِيعَ الأَعمال، وأَنهم غَيْرُ مُكَلَّفِينَ إِلا بما تطوّعوا به (٨)، وأَن الْمَحْظُورَاتِ مُبَاحَةٌ لَهُمْ؛ كَالْخِنْزِيرِ، وَالزِّنَا، وَالْخَمْرِ، وَسَائِرِ الْفَوَاحِشِ، وَعِنْدَهُمْ نِسَاءٌ يُسَمَّيْنَ: النَّوابات (٩) يَتَصَدَّقْنَ بِفُرُوجِهِنَّ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ رَغْبَةً فِي الأَجر، وَيَنْكِحُونَ ما شاؤوا من الأَخوات والبنات


(١) وهم: الشيعة.
(٢) قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (١/ ٤٥١): "قال الشافعي: وقد دلّت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله: أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة.
وهذا الذي قاله الشافعي مجمع عليه بين العلماء؛ إلا ما حكي عن طائفة من الشيعة: أنه يجوز الجمع بين أكثر من أربع إلى تسع".اهـ.
(٣) المثبت من (ت)، وفي (خ): "تحريكاً" وفي (م): "تحريك" وفي (ر) و (غ): "لقويفاً".
(٤) سورة النساء: الآية ٣.
(٥) في (خ): "ذلك".
(٦) في (ت) و (خ): "الراوي"، وفي (م): "الراو".
(٧) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "يريد بعض فرق الشيعة الباطنية المارقين من الإسلام كما سيأتي في كلامه من عزو ذلك إلى العبيدية المعروفين بالفاطميين، فلا يتوهمنّ أحد أن الشيعة الإمامية أو الزيدية يقولون بذلك".اهـ.
(٨) قوله: "به" سقط من (خ) و (ت).
(٩) في (ر) و (غ): "التوابات"، وفي (ت): "الثوابات".