للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْسَهُ الأَمّارة زَيَّنت لَهُ الدُّخُولَ فِيهِ. ويَوَدُّ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ، وأَيضاً فَلَا يَزَالُ ـ إِذا تَذَكَّرَ ـ منكسرَ الْقَلْبِ؛ طَامِعًا فِي الإِقلاع، سَوَاءٌ عَلَيْهِ أَخذ فِي أَسباب الإِقلاع أَم لَا.

وَمُرْتَكِبُ أَدنى الْبِدَعِ يَكَادُ يَكُونُ عَلَى ضِدِّ هَذِهِ الأَحوال، فإِنه يَعُدُّ مَا دَخَلَ فِيهِ حسناً، بل يراه أَولى مما (١) حدَّ له الشارع، فأَين مع هذا خَوْفُهُ أَو رَجَاؤُهُ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَن طَرِيقَهُ أَهدى سَبِيلًا، وَنِحْلَتَهُ أَولى بِالِاتِّبَاعِ؟

هَذَا وإِن كان زعمه لشبهة (٢) عَرَضَتْ فَقَدْ شَهِدَ الشَّرْعُ بِالْآيَاتِ والأَحاديث أَنه مُتَّبِعٌ لِلْهَوَى. وسيأْتي لِذَلِكَ تَقْرِيرٌ إِن شاءَ اللَّهُ.

وَقَدْ مَرَّ فِي أَول الْبَابِ الثَّانِي تَقْرِيرٌ لِجُمْلَةٍ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي تُعَظِّمُ أَمر الْبِدَعِ عَلَى الإِطلاق، وَكَذَلِكَ مَرَّ فِي آخِرِ الْبَابِ أَيضاً أُمور ظَاهِرَةٌ فِي بُعْدِ مَا بينها (٣) وَبَيْنَ كَرَاهِيَةِ التَّنْزِيهِ، فَرَاجِعْهَا هُنَالِكَ يَتَبَيَّنْ لَكَ مِصْدَاقَ مَا أُشير إِليه هَاهُنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَالْحَاصِلُ: أَن النِّسْبَةَ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ مِنَ الأَعمال وبين أَدنى البدع (٤) بعيدُ المُلْتَمَس.


(١) في (خ): "بما".
(٢) في (م): "بشبهة".
(٣) في (خ) و (م): "بينهما".
(٤) قوله: "وبين أدنى البدع" سقط من (ت).