للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِشارة فِي الأَحاديث الْمُتَقَدِّمَةِ الْمَذْكُورِ (١) فِيهَا الشُّحُّ، وأَنها (٢) تتضمن ابتداعاً كما تتضمن معاصي جملة (٣).

وأَما قبض الأَمانة فعبارة عن شياع الْخِيَانَةِ، وَهِيَ مِنْ سِمَاتِ أَهل النِّفَاقِ، وَلَكِنْ قد سَارَ (٤) فِي النَّاسِ بَعْضُ أَنواعها تَشْرِيعًا، وحُكيت عَنْ قَوْمٍ مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلى الْعِلْمِ، كَمَا حُكيت عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الأُمراءِ، فإِن أَهل الْحِيَلِ الْمُشَارِ إِليهم إِنما بَنَوْا فِي بَيْعِ الْعِينَةِ عَلَى إِخفاءِ مَا لَوْ أَظهروه لَكَانَ الْبَيْعُ فاسداً، فأَخفوه ليُظْهِرَ (٥) صحته، فإِن بيعه الثوب بمئةٍ وَخَمْسِينَ إِلى أَجل (٦) لَكِنَّهُمَا (٧) أَظهرا وَسَاطَةَ الثَّوْبِ، وأَنه هُوَ الْمَبِيعُ وَالْمُشْتَرَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بِدَلِيلِ الواقع.

وكالذي (٨) يَهَبُ مَالَهُ عِنْدَ رأْس الْحَوْلِ قَائِلًا بِلِسَانِ حاله أو مقاله (٩): أَنا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلى هَذَا (١٠) الْمَالِ، وأَنت أَحوج إِليه مِنِّي، ثُمَّ يَهَبُهُ، فإِذا جاءَ الْحَوْلُ الْآخَرُ قَالَ الْمَوْهُوبُ (١١) لَهُ لِلْوَاهِبِ مِثْلَ المقالة الأُولى، والجميع فِي الْحَوْلَيْنِ (١٢) فِي تَصْرِيفِ الْمَالِ سواءٌ، أَليس هذا خلاف


=حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر؛ فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع، كالواهب ماله عند رأس الحول فراراً من الزكاة؛ فإن أصلَ الهبة على الجواز، ولو منع الزكاة من غير هبة لكان ممنوعاً؛ فإن كل واحد منهما ظاهر أمره في المصلحة أو المفسدة، فإذا جمع بينهما على هذا القصد؛ صار مآل الهبة المنع من أداء الزكاة ـ وهو مفسدة ـ ولكن هذا بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية".
(١) في (خ) و (م): "المذكورة".
(٢) في (ر) و (غ): "وإنما".
(٣) علق رشيد رضا هنا بقوله: قوله: "جملة": الأظهر أن يقال: "جمة".اهـ.
(٤) في (م): "قد صار" وفي (خ): "ولكن يوجد"، وفي (ت): "ولكن قد يوجد".
(٥) كذا في جميع النسخ، وأثبتها رشيد رضا: "لتظهر"، والمعنى: ليظهر البائع صحته، وقد يكون صحيح العبارة: "ليظهروا".
(٦) كذا في جميع النسخ، وعلق عليها رشيد رضا بقوله: أين خبر "إنّ"؟.اهـ.
أقول: لعل خبرها: جملة قوله: بمئةٍ وخمسين إلى أجل، فيكون المعنى: فإنه يبيع الثوب المئة بمئةٍ وخمسين إلى أجل.
(٧) في (ت): "كأنهما" بدل "لكنهما".
(٨) في (خ): "وكذلك".
(٩) في (خ): "ومقاله".
(١٠) في (ت): "لهذا".
(١١) في (ت) و (خ) و (م): "المهاب".
(١٢) في (خ) و (م): "والجميع في الحالين، بل في الحولين"، وليست الزيادة في أصل (ت)، وإنما ذكرت في الهامش على أنها في نسخة، وليس الأمر كذلك، بل هذا من=