للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال إِسحاق بن رَاهَوَيْهِ عَنْ سُفْيَانَ (١) بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكَ قَالَ فِي قِصَّةِ بِنْتِ (٢) أَبي رَوْح حَيْثُ أُمرت بِالِارْتِدَادِ، وَذَلِكَ فِي أَيام أَبي غَسَّانَ (٣)، فَذَكَرَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ مُغَضَّبٌ (٤): "أَحدثوا فِي الْإِسْلَامِ، وَمَنْ كَانَ أَمر بِهَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ كَانَ هَذَا الْكِتَابُ عِنْدَهُ أَو فِي بَيْتِهِ ليأْمر به أَو صَوَّبَهُ (٥) وَلَمْ يأْمر بِهِ فَهُوَ (٦) كَافِرٌ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ المُبَارَكٍ: "مَا أَرى الشيطان كان (٧) يُحْسِن مِثْلَ هَذَا، حَتَّى جاءَ هؤلاءِ فأَفادها منهم فأَشاعها حينئذ، أو كان (٨) يحسنها ولم يَجِدْ (٩) مَنْ يُمْضِيهَا فِيهِمْ، حَتَّى جاءَ هؤلاءِ" (١٠).

وإِنما وُضِعَ هَذَا الْكِتَابُ وأَمثاله لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَى زَعْمِهِمْ فِي أَن يَحْتَالُوا لِلْحَرَامِ حَتَّى يصير حلالاً (١١)، وللواجب حتى يصير (١٢) غَيْرَ وَاجِبٍ، وَمَا أَشبه ذَلِكَ مِنَ الأُمور الْخَارِجَةِ عَنْ نِظَامِ الدِّينِ، كَمَا أَجازوا نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ، وَهُوَ احتيالٌ عَلَى رَدّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِمَنْ طَلَّقَهَا، وأَجازوا إِسقاط فَرْضِ الزَّكَاةِ بِالْهِبَةِ المستعارة (١٣) (١٤)، وأَشباه ذلك فقد ظهر وجه


(١) قوله: "عن سفيان" جاء مكرراً في (غ)، وفي (خ): "عن سفيان عن عبد الملك".
(٢) في (ر) و (غ): "ابن".
(٣) في (ت): "أيام بني غسان".
(٤) في (ر) و (غ): "معضب" بالعين المهملة.
(٥) في "الفتاوى الكبرى": "هَوِيَه".
(٦) قوله: "فهو" ليس في (ر) و (غ).
(٧) قوله: "كان" من (ر) و (غ) فقط.
(٨) في (خ) و (م): "وكان" والمثبت من (ت) و"الفتاوى الكبرى" (٣/ ١٦٨) وهو الأنسب، والله أعلم.
(٩) علق رشيد رضا هنا بقوله: لعل الأصل: "ولو كان يحسنها لم يجد".اهـ. وسبب قوله هذا ما تقدم في التعليق السابق.
(١٠) من قوله: "فأفادها منهم" إلى هنا سقط من (ر) و (غ).
(١١) في (م): "حتى يصير حراماً"، وعليها علامة، فالظاهر أنها صوبت في الهامش، ولم يظهر التصويب في التصوير.
(١٢) في (خ) و (م) و (ت): "يكون" بدل "يصير".
(١٣) في (ت): "المستعادة".
(١٤) بيَّن المصنف هذا في "الموافقات" (٥/ ١٨٧) فقال:
" ... ومنها قاعدة الحيل؛ فإن حقيقتها المشهورة: تقديم عمل ظاهرِ الجواز لإبطال=