للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلنَّاسِ (١) بِعَمَلِهِ (٢) كَمَا هُوَ مُفْتٍ بِقَوْلِهِ (٣)، فإِذا نظر الناس إِليه وهو يعمل بأَمر هو مخالفة (٤)؛ حَصَلَ فِي اعْتِقَادِهِمْ جَوَازُهُ، وَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ مَمْنُوعًا أَو مَكْرُوهًا لَامْتَنَعَ مِنْهُ العالِمُ.

هَذَا، وإِن نصَّ عَلَى مَنْعه أَو كَرَاهَتِهِ (٥)، فإِن عَمَلَهُ معارِضٌ لِقَوْلِهِ، فإِما أَن يَقُولَ الْعَامِّيُّ: إِن العالِمَ خَالَفَ بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ عَلَيْهِ (٦) مِثْلَ ذَلِكَ، وَهُمْ عُقَلَاءُ النَّاسُ، وَهُمُ الأَقلون.

وإِما أَن يَقُولَ: إِنه وَجَدَ فِيهِ رُخْصَةً، فإِنه لو كان كما قال؛ لم يعمل (٧) به، فيُرَجِّح (٨) بين قوله وفعله، والفعل أَبلغ (٩) مِنَ الْقَوْلِ فِي جِهَةِ التأَسِّي ـ كَمَا تبيَّن فِي كِتَابِ "الْمُوَافَقَاتِ" (١٠) ـ، فَيَعْمَلُ العامِّيُّ بِعَمَلِ الْعَالِمِ؛ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ، فَيَعْتَقِدُهُ جَائِزًا، وهؤلاءِ هُمُ الأَكثرون.

فَقَدْ صَارَ عَمَلُ الْعَالِمِ عِنْدَ الْعَامِّيِّ حُجَّةً، كَمَا كَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى الإِطلاق وَالْعُمُومِ فِي الفُتيا، فَاجْتَمَعَ عَلَى الْعَامِّيِّ الْعَمَلُ مع اعتقاد الجواز بشُبْهَةِ دليل، وهذا هو (١١) عين البدعة.

بل قد وقع مثل هذا في طائفة ممن تَمَيَّزَ عن العامّة بانتصابٍ في رتبة


(١) قوله: "مفت للناس" سقط من (غ)، وفي موضعه علامة لحق، ولم يظهر اللحق في التصوير.
(٢) في (ت) و (خ) و (م): "بعلمه".
(٣) في (ت): "بفعله"، وذكر الناسخ في الهامش أن في نسخة: "بقوله".
(٤) علق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: كذا في الأصل! وهو تحريف ظاهر، والمعنى مفهوم من القرينة، وهو: فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَعْمَلُ مَا يَأْمُرُ هو بمخالفته ـ أي بتركه ـ؛ حصل في اعتقادهم جوازه. اهـ.
(٥) في (م): "أو كراهيته".
(٦) أي: على العالِمِ.
(٧) قوله: "يعمل" سقط من (خ).
(٨) في (ر) و (غ): "فيترجح"، وفي (م): "فترجح".
(٩) في (ت) و (خ) و (م): "أغلب" بدل "أبلغ".
(١٠) (٤/ ٩١).
(١١) قوله: "هو" ليس في (خ) و (م) و (ت).