للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكُلُّ ذَلِكَ عَائِدٌ وبالُه (١) عَلَى الْعَالَمِ (٢). وزلَلُهُ المذكورُ عِنْدَ العلماءِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحدهما: زَلَلُه (٣) فِي النَّظَرِ، حَتَّى يُفْتيَ بِمَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَيُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ الفُتْيَا بِالْقَوْلِ.

وَالثَّانِي: زَلَلُه في العمل بالمخالفات، فَيُتَابَعُ أَيضاً عليها على التأَويل المذكور، وهو في الاعتبار قائمٌ مَقَامَ الفُتيا بالقول؛ إِذ قد عَلِمَ أَنه مُتَّبَعٌ ومنظورٌ إِليه، وهو مع ذلك يُظْهِر بفعله (٤) ما ينهى عنه الشارع، فكأَنه مُفْتٍ به؛ على ما تقرر في الأُصول.

وَالثَّانِي: مِنْ قِسْمَيِ الْمُفْسِدَةِ الحاليَّة: أَن يَعْمَلَ بها العوام، وتشيع فيهم، وتظهر فيما بينهم (٥)، فلا ينكرها الخواصّ، ولا يرفعون لها رأْساً (٦)، وَهُمْ (٧) قَادِرُونَ عَلَى الإِنكار، فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَالْعَامِّيُّ مِنْ شأْنه إِذا رأَى أَمراً يَجْهل حكمَه يعمل العامل به فلا يُنْكر عَلَيْهِ، اعْتَقِدُ أَنه جَائِزٌ، وأَنه حَسَنٌ، أَو أَنه مَشْرُوعٌ، بِخِلَافِ مَا إِذا أُنكر عَلَيْهِ (٨)، فإِنه يَعْتَقِدُ أَنه عَيْبٌ، أَو أَنه غَيْرُ مَشْرُوعٌ، أَو (٩) أَنه لَيْسَ مَنْ فِعْلِ الْمُسْلِمِينَ.

هَذَا أَمر يَلْزَمُ مَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ (١٠) بِالشَّرِيعَةِ؛ لأَن مستنده الخواصّ والعلماءُ في الجائز مع غَيْرِ الْجَائِزِ.

فإِذا عُدِمَ الإِنكار مِمَّنْ شأْنه الإِنكار، مَعَ ظُهُورِ الْعَمَلِ وَانْتِشَارِهِ، وَعَدَمِ خَوْفِ الْمُنْكِرِ، وَوُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَفعل (١١)، دَلَّ عند العوام


(١) في (ت): "وباله عائد".
(٢) في (خ): "عالم". وعلق عليه رشيد رضا بقوله: كذا! ولعل أصله: "على العالم" بفتح اللام؛ على حدّ قولهم: إذا زلّ العالِم ـ بالكسر ـ زل العالَم ـ بالفتح ـ اهـ.
(٣) قوله: "زلله" ليس في (ر) و (غ).
(٤) في (خ) و (م): "بقوله".
(٥) قوله "فيما بينهم" ليس في (ت) و (خ) و (م).
(٦) في (ت) و (خ) و (م): "رؤوسهم".
(٧) قوله: "وهم" سقط من (خ).
(٨) قوله: "عليه" سقط من (ر) و (غ).
(٩) قوله: "أو" سقط من (خ) و (م).
(١٠) في (ت): "عالم".
(١١) أي: لم يفعل العالم إنكار المنكر.