للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنشأْ (١) بِدَعٌ مُحْدَثَاتٌ، يَعْتَقِدُهَا الْعَوَامُّ سُنَنًا بِسَبَبِ سكوت العلماءِ والخواص عن الإِنكار، أَو بسبب (٢) عَمَلِهِمْ بِهَا.

وأَما الْمَفْسَدَةُ الْمَالِيَّةُ: فَهِيَ عَلَى فرض (٣) أَن يكون الناس عالمين (٤) بحكم المخالفة، وأَنها مخالفة (٥) قد ينشأُ الصغير على رؤيتها وظهورها، أَو يدخل فِي الإِسلام أَحد مِمَّنْ يَرَاهَا شَائِعَةً ذَائِعَةً فَيَعْتَقِدُونَهَا جَائِزَةً أَو مَشْرُوعَةً؛ لأَن الْمُخَالَفَةَ إِذا فَشَا فِي النَّاسِ فعلُها مِنْ غَيْرِ إِنكار؛ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْجَاهِلِ بِهَا فَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ أَو الطَّاعَاتِ (٦).

وَعِنْدَنَا (٧): كَرَاهِيَةُ العلماءِ أَن يَكُونَ الْكُفَّارُ صَيَارِفَةً فِي أَسواق الْمُسْلِمِينَ؛ لِعَمَلِهِمْ (٨) بِالرِّبَا، فَكُلُّ مَنْ يَرَاهُمْ مِنَ العامة؛ صيارفةً وَتُجَّارًا فِي أَسواقنا مِنْ غَيْرِ إِنكار؛ يَعْتَقِدُ أَن ذلك جائز؛ كذلك المعصية (٩).

وأَنت تَرَى مَذْهَبَ مَالِكٍ الْمَعْرُوفَ فِي بِلَادِنَا: أَن الحلِيَّ المَصُوغَ (١٠) مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (١١) لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ إِلا وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقِيمَةِ الصِّياغة أَصلاً (١٢)، والصَّاغَةُ عندنا كلهم أَو غالبهم إِنما يتبايعون ذلك


(١) في (خ) و (ت) و (م): "وأيسر خطباً من أن تنشأ".
(٢) في (ت) و (خ) و (م): "وبسبب".
(٣) علق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: قوله: "على فرض": ظرف خبر قوله: "فهي"، والجملة من المبتدأ والخبر؛ خبر قوله: "وأما المفسدة المالية".اهـ.
(٤) في (ت) و (م) و (خ): "عاملين".
(٥) قوله: "مخالفة" ليس في (ت) و (خ) و (م).
(٦) في (ر) و (غ): "والطاعات".
(٧) في (ر) و (غ): "فعندنا".
(٨) في (خ): "لعلمهم" وعلق عليه رشيد رضا بقوله: لعل أصله: "لعملهم"، أو: "لتعاملهم بالربا".
(٩) قوله: "المعصية" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(١٠) في (خ) و (م): "الموضوع". وعلق عليه رشيد رضا بقوله: قوله: "الموضوع": لعل الصواب: "المصنوع".
(١١) في (م): "أو الفضة".
(١٢) علق رشيد رضا هنا بقوله: في كتاب "إعلام الموقعين" للمحقق ابن القيم بيان وتحقيق لاعتبار قيمة الصياغة، وجواز بيع الحلي بأكثر من زنته لأجل ذلك. اهـ.