للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال [أبو] (١) مَسْعُودٍ: إِني لأَترك أُضحيتي ـ وإِني لَمِنْ أَيْسَرِكُم ـ مَخَافَةَ أَن يَظُنَّ الجيران أَنها وَاجِبَةٌ (٢).

وَقَالَ طَاوُسٌ (٣): مَا رأَيت بَيْتًا أَكثر لَحْمًا وَخُبْزًا وَعِلْمًا (٤) مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ، ثُمَّ لَا يذبح يوم العيد! وإِنما كان يَفْعَلُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أَنها وَاجِبَةٌ، وَكَانَ إِماماً يُقْتَدَى بِهِ.

قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ (٥): وَالْقَوْلُ فِي هَذَا كَالَّذِي قَبْلَهُ، وإِن لأَهل الإِسلام قَوْلَيْنِ فِي الأُضحية.

أَحدهما: سُنَّة.

وَالثَّانِي: وَاجِبَةٌ، ثُمَّ اقْتَحَمَتِ الصَّحَابَةُ تركَ السُّنَّة حَذَرًا مِنْ أَن يَضَعَ الناسُ الأَمرَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، فيعتقدونها (٦) فريضة.

وقال (٧) مالك في "الموطأ" (٨) في صيام ستة أَيام (٩) بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: "إِنه لَمْ يَرَ أَحداً مِنْ أَهل الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا". قَالَ: "وَلَمْ يَبْلُغْني ذَلِكَ عَنْ أَحد مِنَ السَّلَف، وإِنّ أَهل الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وأَن يُلْحِق أَهلُ الْجَهَالَةِ والجَفاءِ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ لَوْ رأَوا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً من أَهل العلم، ورأَوهم يفعلون (١٠) ذلك (١١) ".


=وسنده رجاله ثقات، عدا محمد بن عمرو، فلم أجد من ترجم له، سوى الحافظ ابن حجر فإنه قال في "نزهة الألباب" (٢/ ٩١ ـ ٩٢ رقم ٢٢٤٩): "قَشْمُرَد: هو محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري، الحافظ، ويقال له: كشْمُرَد؛ بالكاف".
(١) في جميع النسخ: "ابن"، وتقدم تصويبه (ص٣٤٦).
(٢) تقدم تخريجه صفحة (٣٤٦).
(٣) لم أجد من أخرج قول طاوس هذا، ولكن ذكره الطرطوشي هكذا في "الحوادث والبدع" (ص٤٣)، فالظاهر أن المصنف أخذه عنه.
(٤) في (ت) و (خ) و (م): "وعملاً".
(٥) في "الحوادث والبدع" (ص٤٣ ـ ٤٤).
(٦) في (ر) و (غ): "فيعتقدوها".
(٧) في (خ) و (م) و (ت): "قال".
(٨) (١/ ٣١١)، وانظر ما تقدم (١/ ٣٥٧ ـ ٣٥٨)، و (ص٣٤٧ و٣٥٥) من هذا المجلد.
(٩) قوله: "أيام" سقط من (خ).
(١٠) في (ت) و (م) و (خ): "يقولون".
(١١) في (م): "تلك" بدل "ذلك".