للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا مَعْنَى لِلْبِدْعَةِ، إِلا أَن يَكُونَ الْفِعْلُ في اعتقاد المعتقد (١) مشروعاً، وليس بمشروع (٢). وهذا المآل مُتَوَقَّعٌ أَو وَاقِعٌ؛ فَقَدْ حَكَى الْقَرَافِيُّ (٣) عَنِ العجم ما يقتضي أَن ستة الأَيام مِنْ شَوَّالٍ مُلْحَقَةٌ عِنْدَهُمْ بِرَمَضَانَ؛ لإِبقائهم حَالَةَ رَمَضَانَ الْخَاصَّةَ بِهِ كَمَا (٤) هِيَ إِلى تَمَامِ السِّتَّةِ الأَيام، وَكَذَلِكَ وَقَعَ عِنْدَنَا مِثْلُهُ، وقد مَرَّ منه (٥) فِي الْبَابِ الأَول (٦).

وجميعُ هَذَا مَنُوطٌ إِثمه بِمَنْ يَتْرُكُ الإِنكار مِنَ الْعُلَمَاءِ أَو غَيْرِهِمْ، أَو مَنْ (٧) يَعْمَلُ بِبَعْضِهَا بمرأَى مِنَ النَّاسِ، أَو في جوامعهم (٨)، فإِنهم الأَصل في انْتِشاءِ (٩) هذه الاعتقادات في المعاصي أَو غيرها.

وإِذا تَقَرَّرَ هَذَا: فَالْبِدْعَةُ تنشأُ عَنْ (١٠) أَربعة أَوجه:

أَحدها ـ وَهُوَ أَظهر الأَقسام ـ: أَن يَخْتَرِعَهَا الْمُبْتَدِعُ.

وَالثَّانِي: أَن يَعْمَلَ بِهَا الْعَالِمُ عَلَى وجه المخالفة، فيفهمها الجاهل مشروعة.


=أو: "وشهرته لجارة"، ولم تتضح في (خ)، وأثبتها رشيد رضا رحمه الله "وشهرته بحارة" واستشكل معناها وقال: "ينظر ما مراده بهذه الجملة، والظاهر أنه كان لأهل الذمّة في الأندلس حارات يسكنونها وحدهم، أو يكثرون فيها، وأن الخمر كانت تباع فيها؛ كما هي الحال في بعض بلاد المسلمين بالمشرق".اهـ.
(١) في (ت) و (خ): "المبتدع" بدل "المعتقد".
(٢) في (ت): "وليس هو بمشروع".
(٣) في الفرق الخامس بعد المئة من "كتاب الفروق" (٢/ ٣١٤)؛ حيث ذكر عن المالكية أن تأخير صيام ستة أيام من شوال أفضل؛ لئلا يتطاول الزمان، فيلحق برمضان عند الجهال. ثم نقل عن شيخه عبد العظيم المنذري أنه قال: إن الذي خشي منه مالك رحمه الله تعالى قَدْ وَقَعَ بِالْعَجَمِ، فَصَارُوا يَتْرُكُونَ المسحِّرين عَلَى عادتهم، والقوانين وشعائر رمضان، إلى آخر الستة الأيام، فحيئذٍ يظهرون شعائر العيد. اهـ.
(٤) في (ت) و (خ) و (م): "الخاصة بكما".
(٥) قوله: "منه" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٦) انظر (١/ ٥٠).
(٧) في (غ): " أو ممن".
(٨) في (ت) و (خ) و (م): "مواقعهم".
(٩) يعني: ابتداء، ويدل عليه كلام المصنف الآتي. ووقع في (ت) و (خ) و (م): "انتشار".
(١٠) في (ر) و (غ): "على".