للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ جِنَايَةُ الْجَانِي فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ فِي عِوَضِهِ، فَالْعُقُوبَةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثَابِتَةٌ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الزَّعْفَرَانِ الْمَغْشُوشِ إِذَا وُجِدَ بِيَدِ الَّذِي غَشَّهُ: إِنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ.

(وَذَهَبَ) (١) ابْنُ الْقَاسِمِ (٢)، وَمُطَرِّفٌ (٣)، وَابْنُ الْمَاجِشُونَ (٤) إِلَى أَنَّهُ يُتَصَدَّقُ بِمَا قَلَّ منه دون ما كثر.

وذلك محكي (نحوه) (٥) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ أَرَاقَ اللَّبَنَ الْمَغْشُوشَ بِالْمَاءِ (٦)، وَوَجَّهَ ذَلِكَ التَّأْدِيبَ لِلْغَاشِّ، وَهَذَا التَّأْدِيبُ لَا نَصَّ يَشْهَدُ له (ولكنه) (٧) مِنْ بَابِ الْحُكْمِ عَلَى الْخَاصَّةِ لِأَجْلِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ، فِي مَسْأَلَةِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ (٨).


=يوسف المالكي القرطبي أبو عبد الله كان من أهل العلم والذكاء والحفظ والفهم. مات عام ٤١٩هـ. ترجمته في: الصلة لابن بشكوال (٢/ ٧٤٧)، والديباج المذهب (٢/ ٢٣٥).
(١) في (خ): "ذهب".
(٢) هو عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة أبو عبد الله تلميذ الإمام مالك وعالم ديار مصر ومفتيها، تقدمت ترجمته (١ ٧٩).
(٣) لم يحدد من هو، وفي تاريخ علماء الأندلس (١١) شخصاً اسمه (مطرف)، وكلهم متقاربون في الذكر بالفقه والعلم. انظر: المصدر السابق (٢ ٨٣٣ ـ ٨٣٧).
(٤) هو: أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، تلميذ الإمام مالك رحمه الله، توفي سنة ٢١٣هـ وقيل سنة ٢١٤هـ، وقال المعلق على السير: (والماجشون: بكسر الجيم وفتحها وضمها، وعلى كسرها اقتصر السمعاني في الأنساب، وابن خلكان في الوفيات، والنووي في شرح مسلم، وابن حجر في التقريب، وابن فرحون في الديباج المذهب، وفي شرح الشفاء: معناه: الأبيض المشرب بحمرة، معرب (ماه كون) معناه: لون القمر. انظر: شرح القاموس (٤ ٣٤٨). انظر: السير (١٠ ٣٥٩)، وطبقات ابن سعد (٥ ٤٤٢)، وترتيب المدارك (٢ ٣٦٠)، ووفيات الأعيان (٣ ١٦٦)، وتهذيب التهذيب (٦ ٤٠٨).
(٥) زيادة من (غ) و (ر).
(٦) ذكر ابن تيمية أن مالك روى عن عمر بن الخطاب أنه طرح اللبن المغشوش بالماء، انطر: مجموع الفتاوى (٢٨/ ١١٥)، وذكره ابن القيم في الطرق الحكمية (ص٢٧٥).
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "لكن".
(٨) انظر: (ص١٨).