للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على أهل التكييف والتشبيه والتعطيل والتأويل في صفة اليد]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فلا نقول يد كيد، ولا نكيف، ولا نشبه، ولا نتأول اليدين على القدرتين كما يقول أهل التعطيل والتأويل، بل نؤمن بذلك ونثبت له الصفة من غير تحديد ولا تشبيه، ولا يصح حمل اليدين على القدرتين؛ فإن قدرة الله عز وجل واحدة، ولا على النعمتين؛ فإن نعم الله عز وجل لا تحصى، كما قال عز وجل: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:٣٤]].

الحافظ عبد الغني رحمه الله من أهل السنة والجماعة، ولذا يقول: إننا معشر أهل السنة والجماعة لا نقول: يد كيد، ولا نقول: يد الله كيد المخلوق، فهذا تشبيه، والأول تمثيل، والله ليس كمثله شيء، فلا نكيف أي: نقول: إن يد الله كيفيتها كذا، ولا نشبه كأن نقول: إن يد الله تشبه كذا وكذا، فكل هذا باطل، وكل هذا من طريقة المبتدعة من أهل التمثيل، والتكييف، والتشبيه.

قوله: (ولا نتأول اليدين على القدرتين)؛ لأن هذه طريقة أهل التأويل والتحريف.

فلا نتأول اليدين بالقدرتين، كما يقول أهل التعطيل والتأويل من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، فبعضهم يتأول اليد بالقدرة، واليدان عندهم: القدرتان أو النعمتان، وهذا من أبطل الباطل، كما بين المؤلف رحمه الله، وتأويل اليد بالقدرة فيه إبطال للخصائص التي خص الله بها بعض مخلوقاته، فآدم خصه الله بأن خلقه بيده، فإذا فسرت اليد بالقدرة يكون المعنى: لما خلقت بقدرتي، فتزول الخصيصة؛ لأن إبليس مخلوق بقدرة الله! فإذا كان إبليس مخلوق بقدرة الله وآدم مخلوق بقدرة الله زال التفضيل لآدم، والله تعالى فضل آدم بقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:٧٥]، وكذلك: خط الله التوارة لموسى بيده، فإذا قيل: اليد القدرة، أي: خط الله التوراة بقدرته، زالت الخصوصية.

وكذلك أيضاً تأويل اليد بالقدرة أو بالنعمة يفسد به المعنى؛ لأن الآية وردت بصيغة التثنية فيكون المعنى: لما خلقت بنعمتي أو بقدرتي، والنعم ليست اثنتان، وإنما نعم الله لا تعد ولا تحصى، ونعم الله مخلوقة، وأما يداه فهما صفة له عز وجل، وكذلك القدرة صفة أخرى غير اليد، والقدرة واحدة فلا يقال: خلقت بقدرتي، فإنما هي قدرة واحدة، وبهذا تبين أن تأويل أهل الباطل اليد بالقدرة أو النعمة تأويل باطل.

كما أن التمثيل والتكييف مذهبان باطلان، فأهل التمثيل لليد بأيدي المخلوقين مشبهة، بل من غلاة المشبهة من الشيعة والبيانية والسالمية، والبيانية هم أتباع بيان بن سمعان التميمي، والسالمية هم أتباع هشام بن سالم الجواليقي وداود الجواربي وغيرهم من غلاة الشيعة المشبهة، هؤلاء يقول أحدهم: لله يد كيدي! ووجه كوجهي! واستواء كاستوائي! وهذا من أبطل الباطل، وهؤلاء كفار؛ لأن من شبه الله بخلقه كفر؛ ولهذا قال أئمة أهل السنة والجماعة: من شبه الله بخلقه كفر، ومن مثل الله بخلقه كفر، ومن نفى ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله ذلك التشبيه، وهذا مروي عن نعيم بن حماد الخزاعي وغيره من أئمة السلف، كلهم قالوا: من شبه الله بخلقه كفر، ومن نفى ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>