للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان ما يمر بالإنسان من أحداث يوم القيامة]

السؤال

نرجو التكرم بترتيب الأمور التي تمر بالإنسان يوم القيامة، فهل ورود الحوض قبل الشفاعة؟ وهل الميزان قبل الصحف؟ ومتى يكلم الله عز وجل عباده بلا ترجمان؟ نرجو ترتيب هذه الأمور التي تحصل.

الجواب

أولاً: يوم القيامة يبعث الله الأجساد، ينزل الله مطراً تنبت منه أجساد الناس، وينشئون تنشئة غير تنشئة الدنيا، والذوات هي نفسها الذوات، فإذا كمل نباتهم أمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور النفخة الثانية، إذ إن النفخة الأولى هي التي يموت فيها الناس، ثم يمكث الناس أربعين، ثم ينزل الله مطراً تنبت فيه أجساد الناس، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث، فتأتي الأرواح إلى أجسادها، ومعلوم أن الأرواح باقية لا تموت في نعيم أو في عذاب، فتدخل كل روح في جسدها، فيقوم كل واحد ينفض التراب عن رأسه، ويقفون بين يدي الله للحساب سراعاً، حفاة لا نعال عليهم، عراةً لا ثياب عليهم، غرلاً -جمع أغرل- غير مختونين، وتدنو الشمس من رءوسهم ويزاد في حرارتها، ويشتد الكرب بالناس، ويسألون الأنبياء الشفاعة، ويذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم نبينا عليه الصلاة والسلام، ثم يشفع نبينا صلى الله عليه وسلم، يشفعه الله فيقضي الله بين الخلائق، يحاسبهم في وقت واحد، لا يلهيه شأن عن شأن سبحانه وتعالى، فنحن نعرف أن ابن آدم الضعيف لا يستطيع التكلم مع اثنين في وقت واحد، لكن الرب سبحانه وتعالى يحاسب الخلائق في وقت واحد، ويفرغ سبحانه وتعالى من حسابهم في قدر منتصف النهار، وفي وقت القيلولة يدخل أهل الجنة الجنة، قال سبحانه: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان:٢٤] وبعد الحساب تعطى الصحف وتتطاير بالأيمان وبالشمائل وتوزن الموازين ويرد الناس على الحوض، واختلف العلماء في الترتيب.

فمن العلماء من قال: الميزان قبل الحوض، ومنهم من قال: الحوض قبل الميزان، والأقرب أنه أولاً: الحساب ثم الورود على الحوض ثم الميزان بعد ذلك؛ لأنه لو كان الميزان قبل ذلك لكان من خف ميزانه لا يرد على الحوض، وقد ثبت أنه يرد على الحوض أناس لا يعلمون فيطردون، فالترتيب يكون الحساب ثم الحوض ثم الميزان وتطاير الصحف، ثم بعد ذلك المرور على الصراط، فمن تجاوز الصراط صعد إلى الجنة، ومن سقط سقط في النار نعوذ بالله.

ثم بعد ذلك دخول الجنة، ثم بعد دخول العصاة النار تكون الشفاعة فيهم، ثم بعد ذلك الاستقرار في الجنة أو في النار نسأل الله السلامة والعافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>