للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجوب الإيمان بعذاب القبر وبسؤال الملكين]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والإيمان بعذاب القبر حق واجب، وفرض لازم، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأبو أيوب وزيد بن ثابت وأنس بن مالك وأبو هريرة وأبو بكرة وأبو رافع وعثمان بن أبي العاص وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأختها أسماء وغيرهم.

وكذلك الإيمان بمساءلة منكر ونكير].

الإيمان بعذاب القبر حق واجب كما ذكر المؤلف رحمه الله، فيجب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، واتساعه وتضييقه، وسؤال منكر ونكير فيه، وقد ثبتت الأدلة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فمن القرآن قول الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر:٤٦]، ثم قال: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦]، فدل على أن العرض هذا يكون في القبر، يعرضون عليها غدواً وعشياً، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:٥٠]، هذا من أدلة عذاب القبر.

ومن الأدلة على النعيم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:٣٠]، هذا النعيم يكون عند الموت إلى قيام الساعة.

وكذلك أيضاً قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام:٩٣]، هذا دليل على عذاب القبر.

ومن أدلة عذاب القبر حديث ابن عباس في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين قال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).

وكذلك أيضاً حديث البراء بن عازب الذي فيه قبض روح المؤمن وقبض روح الفاجر، وأن المؤمن ينزل عليه ملائكة بيض الوجوه معهم حنوط من الجنة وكفن من الجنة، والفاجر تأتي إليه ملائكة العذاب ومعهم المسوح، فيقبضون روحه وينتزعونها نزعاً شديداً كما ينتزع السفود من الصوف المبلول.

وكذلك أيضاً سؤال منكر ونكير فإنهما يسألان الميت عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ويضل الله الظالمين، ولهذا ذكر العلماء عذاب القبر ونعيمه، وأنه تواترت فيه الأخبار.

قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: (فعذاب القبر ونعيمه من الأمور الغيبية، التي وردت في إثباتها النصوص الشرعية، فلا يسعنا إلا الإيمان بها والتسليم بمقتضاها).

يقول ابن أبي العز: قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ذلك، والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته؛ لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تحار به العقول، فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا، بل تعاد إليه الروح إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا.

وجاء تسمية منكر ونكير في بعض الأحاديث، أنه إذا قبر الميت أتاه ملكان أزرقان أسودان، يقال لأحدهما: منكر والآخر نكير، وأثبت أهل السنة والجماعة عذاب القبر ونعيمه، وأنكر ذلك الجهمية، والجهمية ملاحدة ولاسيما غلاتهم فلا عبرة بخلافهم.

ولهذا يقول المؤلف رحمه الله: [والإيمان بعذاب القبر حق واجب وفرض لازم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأبو أيوب وزيد بن ثابت وأنس بن مالك وأبو هريرة وأبو بكرة وأبو رافع وعثمان بن أبي العاص].

حديث علي بن أبي طالب.

رواه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه، وحديث أبي أيوب الأنصاري.

رواه البخاري في صحيحه، وحديث زيد بن ثابت.

رواه مسلم في صحيحه، وحديث أنس بن مالك.

رواه البخاري في صحيحه، وحديث أبي هريرة رواه البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز، وحديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رواه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه، وحديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن خزيمة وعثمان بن أبي العاص، وحديث عبد الله بن عباس رواه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه، وحديث جابر بن عبد الله رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وحديث عائشة رواه البخاري ومسلم، وكذلك حديث أسماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>