للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات صفة النزول لله عز وجل]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وتواترت الأخبار وصحت الآثار بأن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، فيجب الإيمان به، والتسليم له، وترك الاعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف ولا تمثيل ولا تأويل ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول].

انتهى المؤلف من الكلام على إثبات صفة الوجه، وانتقل إلى إثبات صفة النزول، قال: (وتواترت الأخبار وصحت الآثار بأن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا).

يقول المؤلف: إن صفة النزول ثابتة بالتواتر، والتواتر دليل قطعي، ودليل التواتر يقابل دليل الآحاد، فالأدلة نوعان: متواتر وآحاد، فالمتواتر هو الذي يرويه عدد كثير يستحيل اجتماعهم على الكذب من أول السند إلى آخره، ويكون مستنداً إلى شيء حسي أو إلى وحي السماء، وما دون ذلك فهو أخبار آحاد.

والآحاد أنواع، فقد يكون غريباً، وقد يكون عزيزاً، وقد يكون مشهوراً، فالغريب هو: الذي يرويه واحد عن واحد، والعزيز هو: الذي يرويه اثنان، والمشهور هو: الذي يرويه ثلاثة ما لم يصل إلى حد التواتر.

فالمؤلف يقول: إن صفة النزول ثابتة بالتواتر أي: بالنصوص المتواترة، فقد رويت عن جمع غفير من الصحابة، وصحت الآثار أن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا نزولاً يليق بجلال الله وعظمته، فلا نكيفه؛ لأننا لا نعلم كيف يكون النزول.

فإذا قال قائل: كيف يكون النزول؟ فنقول كما قال الإمام مالك رحمه الله: النزول معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فالنزول معناه معلوم في اللغة العربية، وأما كيفية النزول فلا ندري عنه، فلا نقول: يكون على كيفية كذا.

يقول المؤلف: (تواترت الأخبار وصحت الآثار بأن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا)، وجاء في الأخبار المتواترة أنه ينزل في الثلث الأخير من الليل وفي بعضها: في الثلث الأول أو في النصف الأول، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ من يسألني فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر).

فيجب على كل مؤمن الإيمان بصفة النزول والتسليم لله وترك الاعتراض، وإمرار هذه الصفة من غير تكييف ولا تمثيل فلا نكيف ولا نؤول، فلا نقول: ينزل على كيفية كذا، ولا نقول: ينزل كنزول المخلوق، ولا نؤول كما أول المبتدعة فقالوا: ينزل أمره أو ينزل ملك من ملائكته، فهذا تأويل باطل.

يقول المؤلف: ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول، يشير إلى الرد على الذين أولوا صفة النزول بدعوى تنزيه الله فنفوا حقيقة هذه الصفة، وذلك أنهم يدعون أن الإثبات الحقيقي لهذه الصفة يتنافى مع التنزيه، ثم يقولون: التنزيه يقتضي نفي هذه الصفة، فنقول: هذا باطل، والمؤلف يقول: ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول، فهذا التنزيه الذي ينفي حقيقة النزول باطل، والتنزيه الحقيقي هو إثبات الصفة على ما يليق بجلال الله وعظمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>