للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة على الاستواء من الكتاب والسنة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فقال عز من قائل في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:٥٤].

وقال في سورة يونس عليه السلام: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس:٣].

وقال في سورة الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد:٢].

وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥].

وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان:٥٩].

وقال في سورة السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة:٤].

وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:٤].

فهذه سبعة مواضع أخبر الله فيها سبحانه أنه على العرش.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو عنده فوق العرش)].

بدأ المؤلف رحمه الله الكلام في الصفات عن الكلام على صفة الاستواء على العرش، وذكر بعدها صفة العلو، وصفة الاستواء على العرش من الصفات التي تدل على علو الله أو التي تثبت علو الله عز وجل على خلقه، وصفتي العلو والاستواء كلاهما تدلان على علو الله عز وجل، وتدلان على إثبات علو الله عز وجل، ولكن صفة الاستواء تدل على علو خاص، وهو العلو على العرش، وصفة العلو تدل على إثبات علو الله على خلقه، وإن كان كل من الصفتين فيهما إثبات علو الله على خلقه، إلا أن بينهما فرقاً، فصفة الاستواء إنما دل عليها النص، ودل عليها النقل، ولم يدل عليها العقل، فلولا أن الله أخبرنا في كتابه أنه استوى على العرش لما علمنا ذلك، بخلاف صفة العلو فإنه دل عليها العقل والنقل والفطرة، فصفة علو الله على خلقه: ثابتة بالعقل وثابتة بالنقل أي: بالنصوص، وثابتة بالفطرة.

وهما من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين أهل البدع، وهي من العلامات الفارقة بين أهل السنة وبين أهل البدع.

وصفة العلو وصفة الكلام وصفة الرؤية هذه الصفات الثلاث من العلامات الفارقة بين أهل السنة وبين أهل البدعة، فمن أثبتها فهو من أهل السنة، ومن نفاها فهو من أهل البدع، فتجد الجهمية والمعتزلة والأشاعرة لا يثبتون هذه الصفات، والأشاعرة يثبتون الرؤية، لكن على غير وجهها، ويثبتون الكلام على غير وجهه، فيقولون: هو معنى نفسي، ليس بحرف ولا صوت، ويثبتون الرؤية ولكن في غير جهة، فهم لم يثبتوا صفة الرؤية على حقيقتها.

وأما العلو فإنهم ينفونه، فتبين بهذا أن هذه الصفات من العلامات الفارقة بين أهل السنة وبين أهل البدع، وهي من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين أهل البدع.

وصفة الاستواء تدل على العلو، فتثبت علو الله عز وجل، إلا أن الاستواء على العرش إنما هو علو خاص على العرش.

وصفة العلو كقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:١٨]، تدل على إطلاق صفة العلو على جميع المخلوقات، وأما الاستواء على العرش فهو علو خاص يفعله سبحانه كما يليق بجلاله وعظمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>