للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة السنة على إثبات صفة الاستواء]

استدل المؤلف رحمه الله على إثبات الاستواء من الكتاب العزيز بسبع آيات، واستدل من السنة بنصوص منها: عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو عنده فوق العرش) متفق عليه.

وقوله: (إن رحمتي سبقت غضبي) هذا من كلام الله لفظاً ومعنى، فهذا الحديث قدسي؛ لأن الحديث منسوب إلى قدسية الله، ومنسوب إلى الله، فهو من كلام الله لفظاً ومعنى، والقرآن هو من كلام الله لفظاً ومعنى إلا أن القرآن له أحكام تختلف، فكلام الله يتفاضل بعضه على بعض؛ ولهذا كانت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] تعدل ثلث القرآن.

والقرآن له أحكام منها: أنه لا يمسه إلا متوضئ، ومنها أنه يتعبد بتلاوته، ومنها أنه معجز بألفاظه، والحديث القدسي ليس كذلك وإن كان من كلام الله، أما الحديث غير القدسي فهو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لفظاً ومن الله معنى، قال تعالى عن نبيه الكريم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:٣ - ٤].

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي فهو عنده فوق العرش).

والشاهد قوله: (فهو عنده فوق العرش) وفي هذا إثبات الفوقية.

وقوله: (فهو عنده فوق العرش) صريح في إثبات الفوقية، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه وغيرهما.

ووجه الدلالة من الحديث إثبات العند، فهو عنده فوق العرش، ففيه إثبات الفوقية.

والحديث يدل على صفة الرحمة أيضاً، لقوله: (إن رحمتي)، وصفة الغضب، وصفة الكتابة كما في قوله: (إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق)، فدل هذا الحديث على أربع صفات وهي: صفة الكتابة، والرحمة، والغضب، والفوقية.

والنصوص الكثيرة دلت على أن العرش أعلى المخلوقات، وأنه ليس فوقه شيء، والله فوق العرش، وفي هذا الحديث أن هذا الكتاب فوق العرش والجمع بينهما بأن يقال: هذا الكتاب مستثنى، فهو فوق العرش.

<<  <  ج: ص:  >  >>