للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث الأوعال]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر سبع سماوات وما بينها ثم قال: (وفوق ذلك بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ظهورهن العرش ما بين أعلاه وأسفله ما بين سماء إلى سماء، والله تعالى فوق ذلك) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة القزويني].

هذا الحديث هو الدليل الثاني من أدلة السنة التي استدل بها المؤلف رحمه الله على علو الله على العرش وعلى جميع المخلوقات، وهو حديث العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر سبع سماوات، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء يعني: قدر خمسمائة عام، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال وهم: ملائكة فالملائكة صفة خلقهم على صفة خلق الأوعال يحملون العرش، قال: (وفوق ذلك ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء إلى سماء) يعني: ما بين أظلافهن وركبهن كما بين السماء والأرض، والعرش فوق ظهورهن، وما بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، يعني: مسيرة خمسمائة عام، فتكون المسافات كلها من الأرض إلى السماء الدنيا خمسمائة عام وبين كل سماء إلى سماء خمسمائة عام، وجاء في الحديث الآخر: (كثف كل سماء مسيرة خمسمائة عام)، وفوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض خمسمائة عام، ثم فوقه ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن خمسمائة عام، ثم العرش ما بين أعلاه وأسفله خمسمائة عام، فتكون جميع المسافة ما يقارب خمسين ألف عام، وقد أشار إلى هذا ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية، وتكلم على قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج:٤]، وقال في سورة السجدة: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:٥]، والجمع بين الآيتين هو أن العدد الذي ذكر في المعارج يكون في الدنيا، والعدد الذي ذكر في السجدة يكون يوم القيامة، فهذا الحديث فيه بيان هذه المسافات.

الشاهد من الحديث قوله: (والله تعالى فوق ذلك)، فالعرش هو سقف المخلوقات فوق ظهور الأوعال والله فوق ذلك، ففيه إثبات العلو.

والحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة كما ذكر المؤلف رحمه الله، والحديث سنده فيه ضعف؛ لأنه من رواية سماك عن عبد الله بن عذيرة، ولكن الحديث له شواهد؛ ولهذا حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم، وذكره الإمام المصلح المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آخر كتاب التوحيد، فالحديث حسن بشواهده، والحديث إن كان سنده ضعيفاً لكن له شواهد تقوى بها، فلهذا احتج به شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ الإمام المصلح والمؤلف هنا، وكذلك يحتج به الأئمة في كتب السنة، فقد استدل به أبو داود وابن ماجة وابن خزيمة في كتاب التوحيد وابن أبي عاصم في كتاب السنة والإمام أحمد في المسند والذهبي في العلو.

<<  <  ج: ص:  >  >>