للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حوض النبي صلى الله عليه وسلم]

يقول المؤلف رحمه الله: [وأنه كما بين عدن إلى عمان البلقاء]، والبلقاء بلدة في فلسطين، تنسب إلى البلقاء لقربها منها، وروي من مكة إلى بيت المقدس، والحوض ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء، ولهذا قال: رواه عبد الله بن عمر.

رواه عنه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وعبد الله بن عمرو.

رواه عنه أحمد والطبراني وعبد الله بن عمرو متفق عليه في البخاري ومسلم، وأبي بن كعب.

رواه عنه ابن أبي عاصم في السنة، وأبو ذر.

رواه عنه مسلم وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رواه عنه مسلم بلفظ مقارب لما سبق، وأبو أمامة الباهلي.

رواه عنه أحمد في المسند والسنة لـ ابن أبي عاصم.

وهذه الأحاديث التي جاءت في تحديد الحوض بعضها كما سبق من عدن إلى عمان البلقاء، وبعضها من مكة إلى بيت المقدس، وبعضها من جرباء إلى أذرح، وهذا الاختلاف ليس فيه اضطراب، ولا يدل على التعارض؛ لأن هذا وقع في أحاديث متعددة وليس في حديث واحد، كما بين ذلك القاضي عياض والقرطبي رحمهما الله، وظن بعض الناس أن هذا الاختلاف في التقدير في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف، وليس كذلك، وإنما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيه ستة ألفاظ مختلفة، يخاطب كل طائفة بما كانت تعرفه من مسافات في مواضعها، فيقول مثلاً لأهل الشام: (ما بين جرباء إلى أذرح) ولأهل اليمن: (من صنعاء إلى عدن) وهكذا، وتارة يقدر بالزمان، فيقولك (مسيرة شهر).

قال الحنفي في شرح الطحاوية: (الذي يتخلص في الأحاديث الواردة في صفة الحوض أنه حوض عظيم، ومورد كريم، يمد من شراب الجنة من نهر الكوثر الذي هو أشد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر).

ويقول ابن أبي العز: (إن الخوارج والمعتزلة أنكروا الحوض وأحرى بهم أن يذادوا عن الحوض ويطردوا عنه، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا فرطكم على الحوض)، وقال: (يرد علي أناس من أمتي أعرفهم ويعرفوني، فيحال بيني وبينهم، فأقول: أصحابي -وفي لفظ: أصيحابي أصيحابي- فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي) يعني: بعداً بعداً.

فهذا يدل على أن المراد بأصحابي هم بعض الأعراب الذين ارتدوا، ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، وأما الصحابة رضوان الله عليهم فقد ثبت الإيمان في قلوبهم، لكن بعض الأعراب لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ففيهم المرتدون والمنافقون والكفار، فكل هؤلاء لا يردون على الحوض فيطردون ويذادون نسأل الله السلامة والعافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>