للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفروق بين الاستواء والعلو]

والفرق بين صفة الاستواء وصفة العلو من وجهين: الوجه الأول: أن صفة الاستواء من الصفات الفعلية، وهي فعل يفعله الله سبحانه، وكان الاستواء بعد خلق السماوات والأرض، قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:٥٤]، فالله تعالى خلق الأرض أولاً ثم خلق السماء، ثم دحا الأرض، ثم استوى على العرش.

والاستواء من الصفات الفعلية التي تتعلق بالمشيئة والاختيار مثل الغضب والرضا والنزول، فهذه الصفات تتعلق بالمشيئة والاختيار، فمتى شاء نزل، ومتى شاء غضب، وكذلك الاستواء، فقد كان في وقت مستوياً على العرش، وفي وقت ليس مستوياً عليه، فقبل خلق السماوات والأرض لم يكن مستوياً على العرش ثم استوى على العرش.

أما العلو فمن الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها الباري سبحانه وتعالى، فلا يقال: في وقت كان عالياً وفي وقت ليس عالياً، بل هو في جميع الأوقات عالٍ على جميع المخلوقات ومنها العرش.

إذاً: الاستواء صفة أخرى، وهي فعل يفعله، وهو علو خاص على العرش، والله أعلم بكيفيته، أما صفة العلو فهو عام مطلق ولا ينفك عن الباري، فهو عال على جميع المخلوقات ومنها العرش، أما الاستواء فهو علو خاص على العرش.

الوجه الثاني: أن العلو دل عليه العقل والنقل والفطرة، وأما الاستواء فدل عليه النقل فقط، فلولا أن الله أخبرنا بالاستواء لما علمنا بذلك، أما العلو فقد دل عليه العقل والفطرة، وقد فطر الله الخلائق على علو الله حتى البهائم فإنها ترفع رأسها إلى السماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>