وأما التوسل المشروع فإنه ثلاثة أنواع: النوع الأول: التوسل بأسماء الله تعالى كما قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:١٨٠].
النوع الثاني: التوسل بالعمل الصالح، كما يدل عليه خبر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وكل واحد منهم سأل الله عز وجل بصالح عمله.
النوع الثالث: التوسل بدعاء الصالحين، وهذا ما يدل عليه حديث الأعمى المشهور:(أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو له، فدعا له، ثم قال: اللهم شفعه في)، وهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على جواز التوسل بدعاء الصالحين عموماً، وقد فعله الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره.
وأما الحديث المشهور الذي فيه الدعاء:(اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي) إلى آخر الحديث، فهذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو حديث ضعيف، يقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن العلماء أجمعوا على ضعفه، فإن في إسناده فضيل بن مرزوق وهو ضعيف، وفيه أيضاً عطية العوفي، قال ابن حبان: إنه كان يسمع من أبي سعيد الخدري، ثم لما مات أبو سعيد ذهب فأصبح يطلب العلم من الكلبي، والكلبي وضاع كذاب، فكناه بـ أبي سعيد، فإذا سأله أحد عن الحديث: من حدثك؟ قال: حدثني أبو سعيد، فيفهم المستمع أن أبا سعيد الخدري هو الذي حدثه، وفي الحقيقة أن الذي حدثه هو الكلبي، لكنه دلسه بهذه الطريقة، ولا يصح هذا الحديث بأي وجه من الوجوه.
وبهذا نكون قد انتهينا من الكلام عن الشفاعة بشكل مجمل، وفي اللقاء القادم إن شاء الله سنتحدث عن مسائل أخرى بإذنه تعالى.