ثم بعد ذلك شرع الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في الكلام على القدر فقال:[وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يزداد في ذلك العدد ولا ينقص منه، وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه].
ثم ذكر بعد ذلك فقرات متعددة كل هذه الفقرات يجمعها أنها في موضوع القدر، يعني: من فقرة (٥٠) إلى فقرة (٦٠) تقريباً هذه كلها في موضوعات القدر، ويمكن أن نذكر الموضوعات الأساسية في القدر ثم نعرض لهذه الفقرات، ونطبقها على ما نذكره إن شاء الله.
والإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، كما جاء ذلك في حديث جبريل عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال:(أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره)، فالقدر ركن من أركان الإيمان، كما أن القدر يعتبر من الإيمان بالله سبحانه وتعالى؛ فإن خلاصة القدر هو: الإيمان بصفات الله سبحانه وتعالى؛ الإيمان بالعلم والقدرة والإرادة والخلق، وكل ذلك سيأتي بيانه وتفصيله.
فالإيمان بالقدر متعلق بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبالذات بتوحيد الأسماء والصفات، ولهذا تساءل البعض: لماذا لم يرد ركن الإيمان بالقدر في القرآن؟ والجواب عن هذا: أنه ورد في القرآن مفرداً عن بقية الأركان، كما قال الله عز وجل:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر:٤٩]، وقوله:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}[الأحزاب:٣٨] هذا أمر.
والأمر الثاني: أنه حتى لو لم يرد هذا الركن منفصلاً فهو تابع لركن الإيمان بالله، فإن القدر كما سبق أن بينا متعلق بالإيمان بالله؛ لأن الإيمان بالله يتضمن الإيمان بربوبية الله والإيمان بإلوهية الله، والإيمان بأسماء الله وصفاته، ومن الإيمان بأسماء الله وصفاته الإيمان بالقدر، فإن القدر يعود إلى توحيد الأسماء الصفات، كما سيأتي في مراتبه إن شاء الله.