قوله:(ولا نجادل في القرآن) يحتمل أن يكون المعنى: ولا نجادل في مسألة القرآن، وإنما نقول: إنه كلام الله، فالقضية لا تحتاج إلى جدال، وإنما القرآن هو كلام الله سبحانه وتعالى غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، كما سبق أن شرحنا ذلك سابقاً، ويحتمل أن يكون المقصود: ولا نجادل في القرآن يعني: لا نضرب القرآن بعضه ببعض، فنأتي بالآية ثم نضرب بها تلك الآية ثم ننتقل إلى آية أخرى وهكذا، فهذا منهج عقيم، وهو منهج أهل البدع؛ فإن منهجهم المجادلات والمخاصمات ونحو ذلك.
ولهذا الذي يرجع إلى كتب الاعتقاد المسندة مثل (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) لللاكائي و (الشريعة) للآجري و (السنة) لـ عبد الله بن الإمام أحمد وغيرها من الكتب يجد أن السلف رضوان الله عليهم بينوا أن الجدال سمة من سمات أهل البدع والعياذ بالله! ولهذا يقول الإمام مالك رحمه الله: إذا أراد الله بقوم شراً منعهم العمل وألزمهم الجدل، وروي مرفوعاً:(أنه إذا أراد الله عز وجل بقوم شراً يمنعهم من العمل ويلزمهم الجدل) ولهذا كان السلف رضوان الله عليهم يكرهون من الكلام ما ليس تحته عمل، فالكلام الذي ليس تحته عمل ولا فائدة منه يكرهونه ويذمونه.
فكثرة الخصومات والمجادلات مذمومة لا سيما في قضايا العقائد وفي قضايا أصول الدين، ولهذا يتميز أهل السنة باتباع السنة، وأنهم لا يثبتون عقيدةً ولا عملاً إلا بسنة وبأثر إما من كتاب الله عز وجل أو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أو مما أجمع عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم.