وقوله:(ولا نكفر أحداً من أهل القبلة) يعني: ممن ينتسب إلى الإسلام بالظاهر.
وقوله:(بذنبٍ ما لم يستحله) هذا يدل على أن أبا جعفر الطحاوي رحمه الله يرى أن الذنوب ليست بمكفرة للإنسان، وإنما يبقى له الإسلام حتى مع وجود هذه الذنوب، إلا إذا استحلها، فإنه إذا استحلها ورأى أنها حلال فهو تكذيب لله سبحانه وتعالى الذي حرمها، وحينئذٍ يكون كافراً، وهذا الكلام فيه رد على الخوارج الذي كفروا الناس بالذنوب، فالزاني يقولون عنه: كافر، والسارق يكفرونه، ومن يشرب الخمر يكفرونه، فيكفرون الناس بالذنوب؛ حتى إنهم كفروا أكثر المسلمين، وأما الخوارج المتأخرون من جماعة التكفير والهجرة فهؤلاء كفروا أغلب أهل التاريخ الإسلامي تقريباً بسبب أن نظرتهم إلى التاريخ على أن هناك انحرافات وهناك ضلالات كانت موجودة، وحينئذٍ حصل منهم الكفر فهم كفار، والعياذ بالله! فهذا فيه الرد على الخوارج.
ولا شك أن الخوارج فرقة من فرق الضلال، سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم كلاب أهل النار، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن خروجهم وأنهم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقرءون القرآن لا يبلغ تراقيهم، ثم قال:(يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)، ثم قال صلى الله عليه وسلم:(من لقيهم فقاتلهم فله أجر يوم القيامة) ولهذا لما ظهر هؤلاء قاتلهم الصحابة رضوان الله عليهم مع انتسابهم للإسلام، وعرفوا أنهم الذين أرادهم الرسول صلى الله عليه وسلم بحديثه، وقاتلوهم واجتمعوا على قتالهم، فإن الفتنة كانت في بداية الأمر بين أهل العراق وأهل الشام، لكنهم اجتمعوا على قتالهم؛ لأن هذا مما اجتمع عليه أهل السنة، فإنهم اجتمعوا على قتال الخوارج الضالين الذين ظهروا بهذه العقائد الضالة.