وإذا تجاوزنا مرجئة الفقهاء قليلاً نجد أن الجهم بن صفوان الذي قتله سلم بن أحوز والي خراسان كان قد ابتدع الإرجاء، وكان كما يقول بعض المؤرخين: أول من ابتدع الإرجاء، وقيل: إن أول من ابتدع الإرجاء هو غيلان الدمشقي القدري الذي سبق أن تحدثنا عنه، المهم أن مذهب الإرجاء ظهر باسم جهم بن صفوان، فلما ظهر الإرجاء باسم جهم بن صفوان كان حقيقة مذهب جهم بن صفوان في المسألة هو أن الإيمان مجرد المعرفة، يعني: أن يعرف الله ويعرف الرسول، فمن عرف ذلك يصبح مؤمناً كامل الإيمان حتى لو لم يعمل شيئاً من أعمال القلب ولا أعمال الجوارح ولا نطق اللسان ولا شيء من هذه الأمور، بل مجرد أن يعرف، وإذا عرف حصل منه الإيمان وكفى، هكذا كان يقول جهم، وقد كفره السلف الصالح رضوان الله عليهم في قوله في الإيمان وفي قوله في الأسماء والصفات، ولهذا يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: لئن أحكي كلام اليهود والنصارى خير لي من أن أحكي كلام الجهمية.
ويقصد بالجهمية: جهماً وأتباعه الذين جاءوا من بعده مباشرة مثل بشر المريسي وابن السجزي وابن أبي دؤاد وأمثال هؤلاء.