لا شك أن الاحتجاج بالقدر على فعل الذنوب باطل ولا يصح، والشريعة جاءت بالأمر والنهي، والذي يحتج بالقدر على فعل الذنوب أعرض عن الأمر والنهي وأصبح فعله هو الذي يرى أنه القدر المكتوب عليه، ولا شك أن هذا قول فاسد، وأنه طي لبساط الشريعة كلها؛ لأنها جاءت بأمر ونهي وبيان للوعيد على من ترك الأمر وفعل النهي، وفي بيان الثواب لمن فعل الأمر وابتعد عن النهي وهكذا.
فأقول: الذي يحتج بالقدر على فعل معاصيه هذا منتقص لهذه الآيات والأحاديث الواردة في هذا الباب، وأما محاجة آدم لموسى وقول النبي صلى الله عليه وسلم:(فحج آدم موسى)، فإنما هو احتجاج بالقدر على المصائب وليس على المعائب، فإن الذنب الذي فعله آدم عليه السلام ثم تاب منه وتركه أصبح في حقه مصيبة، ولامه موسى بعد أن تاب من الذنب.