للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - يدل هذا النص على أن الباعث على الجمع الذي تم في عهد الصّدّيق وكان بإشارة من ابن الخطاب- رضي الله عنهما- هو الخوف من أن «يذهب كثير من القرآن». ولم يفهم «جيفري» - الذي علمت خبره- من هذا الخوف أنه تحرّ في الصيانة والحفظ، ولكنه فهم أن القرآن لم يكن مكتوبا في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإلا لماذا يخاف عمر من استشهاد الحفاظ؟! وندع ما أشرنا إليه من أن القرآن الكريم «كتب» على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم لنقول: إن ذهاب الحفاظ في المواطن أمر يخاف منه في الغد القريب أو البعيد، لأن طريقة أداء المكتوب لا يتأتى إلا عن طريق التلقين والرواية، وذهاب الذين حفظوا القرآن أيام النبيّ صلى الله عليه وسلم يعوق طريقة الأداء. بل إن ذهاب هؤلاء الحفاظ أمر يخشاه عقل حازم ونظر نافذ كعقل عمر بن الخطاب ونظره و «وثائقيته» المشهورة ... يخشاه من حيث هو، ويخشاه كذلك لأن القرآن كما قلنا لا بد فيه من الكتابة والحفظ جميعا! يؤكد هذا: المنهج الذي رسمه أبو بكر لزيد بن ثابت في هذا الجمع.

٢ - يتلخص منهج الجمع، كما رسم لزيد وأمر بتنفيذه، في وجوب الاعتماد على مصدرين: أولهما: ما كتب بين يدي النبيّ صلى الله عليه وسلم. وثانيهما: ما كان محفوظا في صدور الرجال.

قال زيد: «فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال» وفي الحديث الآخر الذي أخرجه ابن أبي داود من طريق عبد الرحمن بن حاطب قال:

«قدم عمر، فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فليأت به- قال: وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب- وكان زيد لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان» قال السخاوي: المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد شارك عمر زيد بن ثابت في موضوع الجمع، بإشارة من أبي بكر، وكانا يطلبان على الحفظ كذلك شهادة شاهدين، جاء في حديث منقطع رجاله ثقات أن

<<  <   >  >>