نسخ ذلك هو زيد بن ثابت، وكان كاتب الوحي، فكانت له في ذلك أولوية ليست لغيره» هو وسائر أعضاء اللجنة من قرّاء المدينة- رضي الله عنهم أجمعين-.
وعلى أية حال، فإن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- بعد أن سكت عنه الغضب، أو بعد أن ذهبت حدّة المفاجأة، وربما بعد أن اطلع على عمل اللجنة من خلال مصحف الكوفة- فيما نرجح- قام بإحراق مصحفه، وأقر بما قام به الخليفة الراشد- رضي الله عنه-. وقد أشار إلى ذلك صاحب كتاب «المصاحف» في فقرة خاصة عقدها تحت عنوان: «رضا عبد الله بن مسعود لجمع عثمان- رضي الله عنه- في المصاحف».
أما ما يزعمه الغلاة من الشيعة أن عثمان حرص على حرق المصاحف ليخفي التبديل الذي أحدثه في النص القرآني! فأهون من أن يلتفت إليه، بعد كلّ ما قدمناه عن كتابة القرآن وحفظه، وعن المنهج الذي اتّبع في جمعه ونسخه! ونكتفي- فقط- بالقول: إن عثمان رضي الله عنه لو فعل شيئا من ذلك- سواء أكان متعلقا بسيدنا علي- رضي الله عنه-، على وجه الخصوص، أم بغيره- لراجعه حفظة القرآن! اللهم إلا إذا زعم هؤلاء أن هؤلاء الحفظة من المهاجرين والأنصار، من بقي منهم في المدينة، ومن تفرق منهم في سائر الأمصار .. تواطئوا جميعا على ذلك!! والأسئلة التي تطرح نفسها أمام هذا البهتان: لم يفعلون ذلك؟ وكيف؟
ولماذا لم يؤثر عن علي- رضي الله عنه- إنكار أو اعتراض؟ ولمن شاء، من العقلاء، أو من أصحاب الأهواء، أن يصدّق أن الصحابة الذين لم يشفع عندهم تكرار البسملة في صدر ثلاث عشرة ومائة سورة من القرآن الكريم .. أن يصدّروا بها السورة الوحيدة الباقية- سورة التوبة- لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح بها هذه السورة! أقول: لمن شاء أن يصدق أن هؤلاء الذين بلغ بهم الالتزام والتدقيق هذا المبلغ يحرّفون القرآن، أو يتلاعبون فيه بالزيادة والنقصان! أيّ سخف هذا؟ بل أي جهل وزندقة وإلحاد!