للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصّل، قال أبو جعفر: وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنه من ذلك الوقت، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد» (١) وروى ابن أبي شيبة في مصنفه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع المفصّل في ركعة، وأنه قرأ بالسبع الطوال في ركعة.

وروى البخاري من حديث عبد الرحمن بن يزيد قال: «سمعت ابن مسعود يقول في: بني إسرائيل- الإسراء- والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: إنهنّ من العتاق الأول، وهنّ من تلادي» (٢) فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.

ويؤكد أصحاب هذا الرأي ما ذهبوا إليه بأن المناسبات بين السور لا تقل عن النظم ووجه ارتباط الآيات بعضها ببعض في السورة الواحدة. وقد درج على بيان تلك المناسبات بعض المفسرين، وكانوا يطلبونها بين آخر السورة وأول السورة التي تليها، أو بين أول هذه السورة وجملة السورة السابقة في بعض الأحيان (٣).

قال الزركشي: «لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم: أحدها بحسب الحروف، كما في الحواميم. وثانيها: لموافقة أول السورة

لآخر ما قبلها، كآخر الحمد في المعنى، وأول البقرة. وثالثها: للوزن في اللفظ، كآخر «تبّت» وأول الإخلاص. ورابعها: لمشابهة جملة السورة مثل:

(والضحى) و (ألم نشرح) ... » (٤).

وقد عبر عن هذا الموقف كذلك ابن الأنباري، ودافع عنه، ولخّص فيه القول على النحو التالي: قال: «إن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا، ثم فرّق على النبيّ صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة، وكانت السورة تنزل في أمر يحدث، والآية جوابا


(١) الإتقان ١/ ١٠٨.
(٢) صحيح البخاري ٦/ ١٠١.
(٣) انظر كتابنا الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن ص ٣٧٣ - ٣٨٠.
(٤) البرهان للزركشي ١/ ٢٦٠.

<<  <   >  >>