للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمستخبر يسأل. ويوقف جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع السورة والآية؛ فاتّساق السور كاتّساق الآيات والحروف، فكلّه عن محمد خاتم النبيين- عليه السلام- عن رب العالمين، فمن أخّر سورة مقدّمة، أو قدّم أخرى مؤخرة، فهو كمن أفسد نظم الآيات، وغيّر الحروف والكلمات» (١).

ويورد السيوطي القول إن جمهور العلماء، منهم الإمام مالك، على أن ترتيب السور اجتهادي من فعل الصحابة، بدليل اختلاف مصاحفهم في هذا الترتيب، فمصحف علي بن أبي طالب على النزول «اقرأ، المدثّر، نون، المزمّل، تبّت، التكوير ... » ومصحف عبد الله بن مسعود: «البقرة، النساء، آل عمران ... ».

ولكن هذا الإطلاق فيما يورده السيوطي- جمهور العلماء! - يتعارض بشكل حاد مع الروايات الصحيحة الدالّة على أن سورا قرآنية كثيرة كانت مرتبة على هذا النحو زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم. أما ترتيب الصحابة لمصاحفهم فلم يكن أكثر من اختيار وقتي، أو مطلق جمع للقرآن، ولهذا فإنهم لم يلتزموا الدفاع عنه، بل وجدناهم قد التزموا وأقرّوا بالترتيب الذي أقرته اللجنة العثمانية التي تحدثنا عنها. وقال بعض العلماء: إن اختلاف مصاحفهم- أبيّ وعلي وعبد الله- كان قبل العرض الأخير، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رتّب لهم تأليف السور بعد أن لم يكن فعل ذلك (٢).

والذي يبدو لنا من مجموع الروايات والآراء حول هذا الموضوع أن معظم سور القرآن الكريم كانت مرتبة على هذا النحو في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأن العدد الأقل. أو عددا قليلا لعلّه لا يتعدى سورتين أو ثلاثا أو بضع سور- على أبعد تقدير- قد رتب على يد الصحابة- رضوان الله عليهم-. قال الإمام البيهقي:


(١) تفسير القرطبي ١/ ٦٠.
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>