هي من ناحية «الفلق والغاسق» مشهدان من مشاهد الطبيعة، ومن ناحية «النفاثات في العقد» و «حاسد إذا حسد» مخلوقان آدميان.
وهي من ناحية:«الفلق» و «الغاسق» مشهدان متقابلان في الزمان. ومن ناحية:«النفاثات» و «الحاسد» جنسان متقابلان في الإنسان.
وهذه الأجزاء موزعة على الرقعة توزيعا متناسقا، متقابلة في اللوحة ذلك التقابل الدقيق، ذات لون واحد، فهي أشياء غامضة مرهوبة، يلفّها الغموض والظلام، والجو العام قائم على أساس هذه الوحدة في الأجزاء والألوان» (١).
وتأمل هنا- بلمحة خاطفة- وحدة الصورة، أو اللوحة القرآنية، التي رسمت في الآيات التالية من سورة الرعد بخطوطها العريضة: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)[الآية ٢].
ثم قال تعالى في الآية التالية- وما تزال تعرض تلك الخطوط العريضة فحسب. ولكن لاحظ كيف ينزل الخط التصويري إلى الأرض-: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها
وتأمل على سبيل التذكير: الخطوط المتقابلة في هذه الصورة: الرواسي والأنهار ... وزوجان اثنان من كل الثمرات ... والتي رسمت على الرقعة الممتدة:«وهو الذي مدّ الأرض ... » إلخ الآية الكريمة.
أما الآية الثالثة من السورة فقد صورت «لقطة» من صورة الأرض هذه ...
فيها خطوط أكثر تفصيلا ... وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ... [الآية ٤].