٣ - صور القرآن الكريم علاقة الإنسان بالطبيعة على أنها علاقة مخلوق بمخلوق وعلى أنها علاقة مخلوق سام بمخلوق مسخّر! فالشمس والقمر والنجوم، والفلك والأنهار والبحار ... وكل ما في السموات وما في الأرض مسخّر للإنسان، قال تعالى:* اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣)[سورة الجاثية، الآيتان ١٢ - ١٣].
إن هذه العلاقة، كما يصوّرها القرآن الكريم في وضوح أخّاذ، ليست قائمة على النديّة أو المغالبة! فضلا عن أن تكون قائمة على الرهبة والخشية ...
أو العبادة! والعجيب أن الإنسان في سذاجته القديمة أو جاهليته الأولى اتخذ من مظاهر الطبيعة التي سخرت له وقصد بها نفعه ... معبودا من دون الله! حتى إذا وصل إلى مرحلة ما من مراحل اكتشاف سننها وقوانينها ... كاد أن يتجه إلى هذه السنن والقوانين ذاتها بالعبادة! حين توهم أن هذا الاكتشاف يغنيه عن تقدير خالق هذه السنن، وواضع هذه القوانين. إن قانون تشكل السحب، أو نزول المطر، أو خروج النبات، أو سير السفن، لا يمكن أن يكون هو الخالق، لأن هذا القانون ليس إلا حادثة مصنوعة، وارتباطا بين أمرين أو أمور متعددة- ارتباط نمو النبات بنزول المطر، ونزول المطر بتكاثف السحب، وتكاثف السحب بتبخر الماء ...
إلخ- ويحتاج إلى «مقنّن» وخالق لهذا الارتباط المنظّم بين أجزاء الكون. وهو الأمر الذي كانت تشير إليه آيات التسخير هذه باستمرار .. ضبطا لنتائج