الاكتشاف .. وليس تهوينا من شأنه! أو إبطالا لقانون الأسباب، أو بعبارة أخرى:
حفاظا على وضع الإنسان ومكانته في الكون: عبدا لله، وسيدا للطبيعة! لأن الإنسان قد تطغى عليه حماسته وتقديره لمكانته في حمّى الاختراع والاكتشافات ... فيضع نفسه في غير موضعها، أو يرفعها فوق مكانتها!!
نعود إلى هذا الانتفاع غير المأجور، أي التسخير الذي يمكن عدّه الإطار لجميع السنن والأوصاف السابقة التي جاءت للكون في القرآن الكريم، لنقول: إنه لا يمكن بغير الوقوف على هذه السنن التي تحكم الظواهر حتى يتمكن الإنسان من تحقيق هذا الانتفاع، أو الارتقاء به إلى أقصى الدرجات؛ خصوصا إذا علم من خلال النقطة السابقة أنه لا يتعامل مع كون مشتت أو مضطرب، أو يخضع للتبدل والتحول بدون نظام يحكمه أو قانون يخضع له، فما عليه إلا أن يلاحظ ويفكر ...
٤ - وغني عن البيان أن نشير بعد ذلك إلى ما ورد في القرآن الكريم من أمر للإنسان بالنظر والتفكر والاعتبار والضرب في الأرض، والبحث في ميادين النفس والمجتمع، والتاريخ، والطبيعة. وما ورد فيه كذلك من مادة «العقل» و «النظر» ونحو ذلك، في عشرات المواضع، وفي شتى السياقات والمجالات كما قلت. قال تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ [سورة العنكبوت، الآية ٢٠].