٢ - الكلام من وراء حجاب، أي أن يكلّمه الله تعالى بكلام يسمعه ولا يرى المتكلم سبحانه، والحجاب هنا راجع لمكان الكلام كما هو واضح. وقد كلّم الله تعالى موسى- عليه السلام- من وراء الشجرة- الحجاب- كما قال تعالى: فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠)[سورة القصص، الآية ٣٠]. وقال تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٤)[سورة النساء، الآية ١٦٤].
٣ - تكليم النبيّ بواسطة ملك الوحي، وهو جبريل- عليه السلام-. غير أن جبريل كان ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم بأسلوبين أو على شكلين: الأول: أن يأتيه ملك
الوحي في مثل صلصلة الجرس. والثاني: أن يتمثل له الملك رجلا فيكلّمه فيعي عنه ما يقول، أخرج البخاري عن عائشة- رضي الله عنها-:
أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا!».
وقد تمّ الوحي بالقرآن الكريم، بلفظه ومعناه جميعا، على الأسلوب الأول، أو الكيفية الأولى .. والتي هي أكثر صور الوحي شيوعا، قال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)[سورة الشعراء، الآيات ١٩٣ - ١٩٤].