للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاعتقاد. ويتصل بهذه الآيات أو بهذا الجانب في القرآن الكريم سائر آيات العهد المكي بموضوعاتها الرحبة والمتعددة: (الكون والطبيعة- الإنسان- التاريخ).

وبعض آيات هذا الجانب نزلت فهدمت (الواقع) القائم، وعفت على آثاره أو أقامت على أنقاضه بناء شامخا يأوي إليه (الإنسان) في جميع العصور. كما أن بعضها الآخر (أسّست) معارف جديدة ليست مرتبطة (بواقع) معين! سواء أكان واقع عصر النزول أم غيره! (مظاهر خلق الطبيعة، وتسخير السنن، وخلق الإنسان، وحياة الأنبياء، وتاريخ الأمم والحضارات ... إلخ) وفي كلا هاتين الحالتين فإن من سوء الفهم والقصد معا، أن يقال: «إن الوحي نزل حسب متطلبات الواقع أو كما يقول علماء الأصول: طبقا لأسباب النزول وتبعا لإمكانيات تقبله! ... » (١)

أو أن يقال: إن الواقع إذا اشتد اشتد الوحي، وإن تراخى تراخى الوحي معه!

٢ - الآيات التي كان لها سبب نزول خاص لا تعدو أن تكون بعضا أو طرفا من آيات الأحكام، أو الجانب التشريعي في القرآن الكريم؛ علما بأن آيات هذا الجانب جميعها لا تزيد في القرآن عن مائتي آية! وحين تصفحنا الروايات التي وردت في أسباب النزول، وجدنا أن ما يعتد به منها عند المحدّثين أقل من القليل! مع الإشارة إلى ضرورة ملاحظة ما ليس من هذا الباب .. أو تحديد المراد بسبب النزول والتدقيق في فهم عبارات المفسرين حوله، من أجل الوقوف على ما يمكن عدّه من هذا الباب، وإخراج ما ليس منه. وقد اتفق علماء التفسير وعلوم القرآن على أن سبب النزول يراد به «ما نزلت الآية أو الآيات مبيّنة لحكمه أيام وقوعه»، وهذا هو المعبّر عنه «بالواقع» في العبارة السابقة!

٣ - هذا القدر نفسه يمكن عده- كما قلنا- أمثلة أو شواهد على مدى


(١) حسن حنفي: قضايا معاصرة ١/ ٩٢ وانظر مناقشة لهذه القضية، وردا علميا ضافيا في مبحث: التراث والتجديد للزميل الفاضل الأستاذ الدكتور أحمد محمد الطيب، حولية كلية الشريعة بجامعة قطر، العدد الحادي عشر ١٩٩٣ م.

<<  <   >  >>